للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وحكى أن فقيرا بات بالقدس، فسمع قائلا يقول في الليل هذه الأبيات:

إن يكن بالشام قلَّ نصيري … وتهدمتُ ثم دام هُلُوكي

فلقد أصبح الغداة خرابي … سِمَة العار في حياة الملوك

وفي تاريخ ابن (١) العميد: تسلم الأنبرور مدينة القدس، ومدينة لدّ (٢)، والأماكن التي (٣) على الطريق، وحضر الأئمة والمؤذنون الذين كانوا في الصخرة والمسجد الأقصى إلى باب دهليز الملك الكامل، وأذنوا على باب الدهليز في غير وقت الآذان، فعزَّ ذلك على الملك الكامل، وأمر أن يؤخذ ما معهم من الستور (٤) والقناديل الفضة وجميع الآلات، ويتوجهوا إلى حال سبيلهم (٥).

وقال بيبرس في تاريخه: ثم أقلع الأنبرور إلى بلاده، واستمر مصافيا للملك الكامل ومُوَادًّا له إلى أن مات الكامل، ثم استمر على موادة الملك الصالح نجم الدين أيوب بعده (٦). وفي المرآة (٧): وجرى للأنبرور عجائب منها: أنه لما دخل الصخرة رأي قسيسا قاعدا عند القدم يأخذ من الفرنج قراطيس (٨) فجاء إليه كأنه يطلب منه الدعاء، فلكمه، فرماه إلى الأرض، وقال: يا خنزير السلطان يصدق علينا بزيارة هذا المكان، تفعلوا فيه هذه الأفاعيل، لئن عاد دخل واحد منكم على هذا الوجه لأقتلنه. قال السبط (٩): وحكى لى صورة الحال قوَّام الصخرة، ونظر إلى الكتابة التي في القبة: وقد (١٠) طهر هذا البيت المقدس صلاح الدين من المشركين. فقال: ومن هم المشركين؟ وقال


(١) أخبار الأيوبيين، ص ١٦.
(٢) لُد: قرية قرب بيت المقدس من نواحي فلسطين.
انظر: معجم البلدان، ج ٤، ص ٣٥٤.
(٣) "التي طريقه" كذا في الأصل، والصحيح ما أثبتناه من أخبار الأيوبيين، حيث ينقل عنه العيني، ص ١٦.
(٤) الستور: مفرده "الستر والساتر" وهو ما يُسْتر به كائنا ما كان. ويقال لما ينصبه المصلى قُدَّامه علامة لمصلاة من عصا وتسنيم تراب وغيره (سترة) لأنه يستر المار من المرور أي يحجبه. المصباح المنير، مادة (ستر).
(٥) إلى هنا توقف العينى عن النقل من ابن العميد، أخبار الأيوبيين، ص ١٦.
(٦) ورد هذا الخبر في مفرج الكروب، ج ٤، ص ٢٤٦ - ص ٢٤٧.
(٧) سبط ابن الجوزي، ج ٨، ص ٤٣٣ - ص ٤٣٤.
(٨) قراطيس: المفرد "قرطاس" وهو ما يكتب فيه، والقرطاس قطعة من أديم تنصّب للنضال فإذا أصاب الرامي قيل: قرطس قرطسة، وكسر القاف أشهر من ضمها.
انظر: المصباح المنير؛ محيط المحيط، مادة "قرط"
(٩) مرآة الزمان، ج ٨، ص ٤٣٣ - م ٤٣٤.
(١٠) "وهي" كذا في الأصل، والمثبت من مرآة الزمان، ج ٨، ص ٤٣٢، حيث ينقل عنه العيني.

<<  <  ج: ص:  >  >>