للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

منه مال عظيم، وهرب أهله، وقد كان هذا الملعون تمكن من المسلمين وآذاهم، ورفع منار النصارى، وتسَلَّطوا بجاهه على المسلمين، وجدد لهم بناء كنيسة مريم، وشيَّد بنيانها، ورفع بابها ثم هدم مازاده، وأعيدت الكنيسة على ما كانت عليه في شعبان بأمر السلطان الكامل، وتولي النصارى هدم ذلك بأنفسهم.

ومنها أن شروانشاه أفريدون صاحب شروان (١) حضر إلى جلال الدين خوارزم شاه، وكان قد قرر عليه خمسين ألف دينار يحملها إلى الخزانة الجلالية (٢) في كل سنة، وأحضر معه خمس مائة رأس خيلًا تركية تقدمةً فقبلها منه، وخلع عليه، وكتب له توقيعا بتقرير الممالك التي تحت يده، وإسقاط عشرين ألف دينار من الخراج المقرر عليه (٣).

ومنها أن جلال الدين خوارزم شاه سار إلى بلاد الكرج، فإنهم كانوا قد كبسوا بعض الأعمال الجلالية، وأوقعوا بطائفة من العسكر، ثم ورد الخبر بعد ذلك أن الملكة ومقدّم الكرج (٤) قد جمعا، ووافتهم نجد اللُكز (٥) والآلان (٦)، فصاروا في أربعين ألفا، فخرج جلال الدين للوقت مبادرة إلى نحوهم، ولما تلاقي اليزكان (٧) انهزم الكرج وأحضرت منهم جماعة فأمر بضرب رقابهم، وتبع العسكر الجلالي آثار المنهزمين، ولحق بعضهم أثقال إيواني فأخذها غنيمة، وراح السلطان صوب لُوري، فنزل بظاهرها، وراسل مَنْ بها


(١) شَرْوَان: مدينة من نواحي باب الأبواب الذي يسمونه الفرس الدُّربند بناها أنو شروان فسميت باسمه، وبين شروان وباب الأبواب مائة فرسخ.
انظر: معجم البلدان، ج ٣، ص ٢٨٢.
(٢) الخزانة الجلالية: أي خزانة السلطان جلال الدين منكبرتي، وقد سبق تعريف الخزانة السلطانية.
(٣) لمعرفة المزيد عن هذا الحدث. انظر: سيرة منكبرتي، ص ٢٨٩ - ص ٢٩٠.
(٤) مقدم الكرج: الكرج أمة من المسيحيين كانت مساكنها بجبال القوفاز المجاورة لتفليس ثم استولوا على تفليس من المسلمين سنة ٥١٥ هـ/ ١١٢١ م. ولم يزالوا متملكين لها حتى أغار عليهم جلال الدين خوارزم شاه سنة ٦٢١ هـ / ١٢٢٤ م، ومقدمهم هو الذي يتحدث عنهم ويتقدم عليهم.
انظر: معجم البلدان، ج ٤، ص ٢٥١ - ص ٢٥٢؛ مفرج الكروب، ج ١، ص ١٩٢، مصطلحات صبح الأعشى، ج ١٥، ص ٣١٩.
(٥) اللكز: جنس من الترك يسكنون مدينة لكز، يقال لهم اللكزي، ويسكنون في الجبل الفاصل بين تتر مملكة برَكة، وتتر مملكة هولاكو.
انظر: صبح الأعشي، ج ٤، ص ٤٦٧.
(٦) الألان: وتكتب أيضا "اللان" قبائل كانت تسكن بالقرب من مدينة دربند. انظر: مسيرة منكبرتي، ص ١٩١، حاشية (٢).
(٧) اليزك: لفظ فارسي معناه الطلائع.
انظر: صبح الأعشي، ج ١٥، ص ٣٦٤.

<<  <  ج: ص:  >  >>