للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

من الكرج مُهددا لهم بحصارها، وطالبهم بإطلاق من كان قد أسر من الأتراك فأطلقوهم، وتوجه إلى قلاع بهرام الكرجي وحاصرها، وفرق عساكره في بلاده بنهب وقتل وأخذ الأموال، وزحف على قلعة سكان (١) ففتحها عنوة، وأضرم بها على الكفار نارًا، ثم رحل منها إلى قلعة علياباذ (٢)، فاستباحها، وقتل أهلها، وضايق الكرج فسألوه الموادعة على مال يحملونه ويعجلونه، فتسلم المال ورحل إلى خلاط، عازما على حصارها، وحثَّ الأمراء والخانات على المسير إليها مع الأثقال، وسارهو على طريق نخجوان (٣)، وأغار على ما أصاب من مواشي الكرج، وساقها حتى لقد بيع الثور الجيد بدينار، وتزوج بصاحبة نقجوان، وأقام بها أياما إلى أن قضي أشغال خراسان والعراق ومازندران (٤) (٥).

ولما نزل على خلاط نزل على مسيرة يوم منها، فراسله عز الدين أيبك نائب الملك الأشرف بها، ولاطفه، وتَخَضَّع له، وأعلمه بأن الملك الأشرف رسم بالقبض على الحاجب على، وأنه ماقبض عليه إلا لتخطيه إلى بلاد جلال الدين، وإساءته الأدب، وقال: إنه قد ولَّاني خلاط، وأمرني بطاعة السلطان، واتباع مراده، معدودًا في جملة أعوانه، وإنجاده أسوة بسائر أجناده (٦)، وزاد في ملاطفته، فأجاب جلال الدين أنه إن كان يطلب مرضاتي فليسير إلى الحاجب عليا، فلما وصل الرسول بهذا الجواب قتل عز الدين أيبك الحاجب عليّ (٧) بن حماد (٨).


(١) سكان: من قرى الصغد من أربنجن. انظر: معجم البلدان، ج ٣، ص ١٠٦.
(٢) علياباذ: عدة قري بنواحي الرِّى. انظر: معجم البلدان، ج ٣، ص ٧١٤.
(٣) نخجوان: وبعضهم يقول نقجوان وهي بلد بأقصي أذربيجان.
انظر: معجم البلدان، ج ٤، ص ٧٦٧.
(٤) مازندران: اسم لولاية طبرستان.
انظر: معجم البلدان، ج ٤، ص ٣٩٢.
(٥) لمعرفة المزيد عن هذه الأحداث. انظر: سيرة منكبرتي، ص ٢٩١ - ص ٢٩٣، ص ٢٩٧، ص ٢٩٨.
(٦) الأجناد: وهم على طبقتين:
الطبقة الأولى: المماليك السلطانية وهم أعظم الأجناد شأنا، وأرفعهم قدرا، وأشدهم قربا إلى السلطان، وأوفرهم إقطاعا، ومنهم تؤمر الأمراء رتبة بعد رتبة، وهم في العدة بحسب ما يؤثره السلطان من الكثرة والقلة. والطبقة الثانية: أجناد الحلقة وهم عدد جم وخلق كثير، وكل أربعين نفسا منهم مقدم، ومن الأجناد طائفة ثالثة يقال لها البحرية يبيتون بالقلعة وحول دهاليز السلطان في السفر كالحرس.
انظر: صبح الأعشي، ج ٤، ص ١٥ - ص ١٦.
(٧) الحاجب على بن حماد: هو الحاجب حسام الدين على بن حماد، وهو المتولي لبلاد خلاط والحاكم فيها من قبل الأشرف، قتله الأمير عز الدين أيبك سنة ٦٢٦ هـ.
انظر: ترجمته في الكامل، ج ١٢، ص ٤٨٥ - ص ٤٨٦؛ شذرات الذهب، ج ٥، ص ١١٩.
(٨) وردت هذه الأحداث في سيرة منكبرتي، ص ٢٩٩.

<<  <  ج: ص:  >  >>