للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

السنة، ودفن عند قبر أخيه الفقيه أبي منصور عبد الرحمن بن محمد، المعروف بالفخر ابن عساكر، بالشرف القبلي بظاهر دمشق، وعُمِّرَ، وتَفّرَّد بالرواية، وجاوز الثمانين بثلاث سنين (رحمه الله).

الشيخ بيرم (١) المارديني، كان صالحا منقطعًا محبًا للعزلة عن الناس، وكان مقيما بالزاوية الغربية من الجامع، وهي التي يقال لها الغزالية (٢) وكانت تعرف (٣) بزاوية الدولعي، وقبله بزاوية القطب النيسابوري، وقبله بزاوية الشيخ أبي نصر المقدسي.

ابن الجاموس (٤) عز الدين كان الأمير شهاب الدين غازي صاحب ميافارقين استخدمه على ديوانه في هذه السنة، وأعطاه الكوسات (٥) والأعلام، وقدمه على جماعة، ودُعي بالصاحب الأمير عز الدين، ومكنه غازي من البلاد والعباد، فبدا منه من الكبر والجبروت، والظلم والعدوان، بحيث كان الجُلَنْدى [الذي يأخذ كل سفينة غصبا] (٦) عنده كسرى أنو شروان، وكان غازي قد اقترض من البدر بن المسخف الشاعر لما توجه إلى مكة عشرة آلاف درهم، وكتب له بها توقيعًا على أنَضِّ الجهات، فمطله ابن الجاموس، وأحاله على جهات منكسرة، ولقى منه أمورًا عسرة، فهجاه بأبيات، وكتب بها إلى غازي، فمنها:


(١) انظر: ترجمته في الذيل على الروضتين، ص ١٥٨ - ١٥٩؛ البداية والنهاية، ج ١٣، ص ١٣٧؛ الدارس في تاريخ المدارس، ج ١، ص ٤١٤.
(٢) الزاوية الغزالية: بالجامع الأموي شمالي مشهد عثمان، كان مدرسها سنة ١٠٨٣ مصطفى المحاسني.
انظر: خطط الشام، ج ٦، ص ١٤٣.
(٣) "وكان يعرف" كذا في الأصل، والمثبت هو الصحيح لغة.
(٤) انظر ترجمة ابن الجاموس في نهاية الأرب، ج ٢٩، ص ١٦٤؛ المرآة، ج ٨، ص ٤٣٨.
(٥) الكوسات: مفردها كوسة وهي صنجة من نحاس تشبه الترس الصغير، يدق بأحدها على الآخر بإيقاع مخصوص، ومع ذلك طبول وشَبّابَة، يدق بها مرتين في القلعة في كل ليلة، ويدار بها في جوانبها مرة بعد العشاء الآخرة، ومرة قبل التسبيح على المآذن، وتسمى الدورة بذلك في القلعة، وكذلك إذا كان السلطان في السفر تدور حول خيامه، ويقال للذي يضرب بالصنوج النحاس بعضها على بعض الكوسي.
انظر: صبح الأعشى، ج ٤، ص ٩، ١٣.
(٦) اقتبس هذا القول من القران الكريم، سورة الكهف، آية (٧٩) وهي {أَمَّا السَّفِينَةُ فَكَانَتْ لِمَسَاكِينَ يَعْمَلُونَ فِي الْبَحْرِ فَأَرَدْتُ أَنْ أَعِيبَهَا وَكَانَ وَرَاءَهُمْ مَلِكٌ يَأْخُذُ كُلَّ سَفِينَةٍ غَصْبًا}.

<<  <  ج: ص:  >  >>