للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الكعبة، وأمرهم بالحج إلى قبر أبيه، وكانوا يحملون إليها من الأموال كل سنة ما لا يحد ولا يوصف (١)، ويطوفون حولها مثل ما يطاف (٢) بالكعبة، ومن لم يحمل مالا قتله، وكانوا يقصدونها من البحر، فاجتمع فيها أموال عظيمة. وأقام عبد النبي على الظلم والفسق والفجور، وذبح الأطفال، وسفك الدماء، وسبي النساء، إلى أن دخل شمس الدولة إلى اليمن وجاء إلى زبيد. فيقال: إنه حصر عبد النبي فيها وأمَّنه وقيده وقتله. ويقال: أنه انهزم بين يديه، وجاء إلى قبة أبيه فهدمها، وأخذ ما كان فيها من المال والجواهر والفضة، وكان على ستمائة جمل، ونبش القبر وأحرق عظام أبيه وذراها في الريح. ومضى إلى صنعاء، فحلف شمس الدولة أنه لا ينتهي عنه حتى يقتله ويحرقه كما فعل بأبيه، وصار خلفه فرجع إلى زبيد، وعاد شمس الدولة إليها فظفر به، فأخذ ما كان معه وقتله وصلبه وحرقه كما فعل بعظام أبيه.

وفي تاريخ ابن كثير (٣): ولما وصل شمس الدولة زَبِيد، خرج إليه عبد النبي فقاتله، فانهزم، وأسره شمس الدولة وأسر زوجته الحرة، وكانت ذات أموال جزيلة، فاستقرها على أشياء جزيلة، وذخائر جليلة، ونهب الجيش زَبِيدَ، ثم سار إلى عدن فقاتله صاحبها ياسر، فهزمه توران شاه، وأخذ البلد بيسير [من الحصار] (٤) ومنع الجيش من نهبها. وقال: ما جئنا لنخرب البلاد، وإنما جئنا لعمارتها وملكها. ثم سار في الناس سيرة حسنة عادلة فأحبوه. واستوسق (٥) له ملك اليمن، وخَطب فيها للخليفة العباسي المستضيء (٦) بأمر الله، وقتل الداعي المسمى بعبد النبي (٧).


(١) "يحصي" في مرآة الزمان، ج ٨، ص ٨٩.
(٢) "يطوفون" في المرآة، ج ٨، ص ١٨٩.
(٣) انظر: البداية والنهاية، ج ١٢، ص ٢٩٣ - ٢٩٤، حيث ينقل عنه العيني.
(٤) ما بين الحاصرتين إضافة للتوضيح من البداية والنهاية، ج ١٢، ص ٢٩٣.
(٥) استوسقت الإبل أي اجتمعت. انظر: القاموس المحيط، ج ٣، ص ٢٩٩، مادة "وسق".
(٦) هو: أبو محمد الحسن بن المستنجد بالله يوسف بن المقتفي محمد بن المستظهر أحمد. بويع بالخلافة بعد أبيه وتلقب بالمستضيء. وكانت وفاته سنة ٥٧٥ هـ/ ١١٧٩ م. انظر: البداية والنهاية، ج ١٢، ص ٢٩٤؛ الجوهر الثمين في سير الملوك والسلاطين، ج ١ ص ٢١٢ - ٢١٣.
(٧) إلى هنا انتهي نقل العيني عن البداية والنهاية بتصرف، ج ١٢، ص ٢٩٣ - ٢٩٤.

<<  <  ج: ص:  >  >>