للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وورد الخبر إلى منزلة العساكر بفاقوس يوم الثلاثاء ثالث يوم نزول العدو على جناح الطائر، فاستنهض السلطان العساكر إلى الثغرين إسكندرية ودمياط. وأما أهل إسكندرية فإنهم فتحوا الأبواب (١) على غفلة، وخَرَّجوا منها ممن كان من الأمراء، فأحرقوا الدبابات المنصوبة، وأنزل الله النصر على المسلمين، والخذلان على الكفار، واتصل القتال إلى العصر من يوم الأربعاء، وانهزم الإفرنج واستحر القتل والجرح فيهم، ولم يسلم منهم إلا من نزع لبسه، ورمي في البحر نفسه. وتقحم المسلمون في البحر على بعض المراكب فخسفوها وأتلفوها، فولت بقية المراكب هاربة، وبقي العدو بين قتل وغرق وأسرٍ، واحتمي ثلثمائة فارس في رأس تل، فأخذت خيولهم، ثم قتلوا وأسروا، وأقلع هذا الأسطول عن الثغر يوم الخميس. وذكر ابن شداد (٢) أن نزول هذا العدو كان في شهر صفر، وكانوا ثلاثين ألفا في ستمائة قطعة ما بين شيني، وطرادة، وبطسة، وغير ذلك.

وأما الأمر الثاني: فهو نوبة الكنز. وقال بيبرس في تاريخه (٣): وفي هذه السنة خالف الكنز بأسوان وهو مقدم من المصريين، وكان قد انتزح إلى أسوان، فأقام بها، ولم يزل يدبر أمره ويجمع السودان عليه، ويخيل لهم أنه يملك البلاد ويعيد الدولة المصرية، ويقطع خطبة الناصر صلاح الدين، ويخطب لداود بن العاضد، فاجتمع إليه جمع وافر من السودان، وقصد قوص وأعمالها. فانتهى خبره إلى الملك الناصر، فجرد إليه عسكرا (٤)، وقدم عليه أخاه الملك العادل، وتوجه صحبته أبو الهيجاء السمين، فساروا إلى الكنز، وقد حشد جمعا كثيرا من السودان والرعية وعُربان البلاد، فالتقوا وقتلوا الكنز وأبادوا جموعه، واطمأنَّ الصعيد، وعاد الملك العادل وسكن القصر بالقاهرة، ولقب من ذلك الحين بالملك العادل (٥).


(١) "الباب" في نسخة ب.
(٢) نقل العينى هذا النص بتصرف من النوادر السلطانية، ص ٤٨ - ٤٩.
(٣) زبدة الفكرة غير موجود بين أيدينا، انظر: نهاية الأرب، ج ٢٨، ص ٣٦٩؛ الكامل، ج ١٠، ص ٦٤ - ٦٥؛ الروضتين، ج ١ ق ٢، ص ٥٣٠ - ٥٣٣ حيث أورد أبو شامة نقلًا عن المؤرخ الحلبي ابن أبي طى حديثًا مفصلًا عن حملة تورانشاه إلى بلاد النوبة.
(٤) "فجرد عسكر إليه" كذا في نسخة ب.
(٥) ورد هذا النص بتصرف في النوادر السلطانية، ص ٤٧ - ٤٨.

<<  <  ج: ص:  >  >>