للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ولما سمع السلطان بقدومه أرسل إليه (١) بالمثال (٢) الفاضلي كتابًا أوله: {أَنَا يُوسُفُ وَهَذَا أَخِي قَدْ مَنَّ اللَّهُ عَلَيْنَا} (٣). وقال في آخره: "ولقد أحسن عدنان المبشر إذ طلع علينا طلوع الفجر قبل شمسه، وغرس في القلوب ما يسرنا ويسره جني غرسه" (٤).

وقال ابن أبي طي: كان سبب خروجه من اليمن كراهية البلاد، والشوق إلى أخيه الملك الناصر، وأن يرى ملوك الشام وغيرها. [وأمر العساكر] (٥) بما أنعم الله به عليه من النعم والأموال.

وفي تاريخ الدولتين (٦): لما تحدث الناس بخروج شمس الدولة من اليمن كان باليمن رجل يقال له عباس، وكان صهر ياسر بن بلال الحبشي (٧) صاحب عدن، وكان بين ياسر وعباس عداوة، فافتعل عباس كتابا على لسان ياسر وزوَّر عليه علامته إلى زيد ابن عمرو بن حاتم صاحب صنعاء يقول فيه: "إن شمس الدولة سائر إلى أخيه الملك الناصر إلى الشام، وسبب خروجه ضعفه عن اليمن، فأمسكوا ما كنتم تحملون إليه من الإتاوة والرشوة، "تبقى لكم" (٨). واحتال حتى وصل الكتاب إلى شمس الدولة، وكان نازلا على حصن يعرف بالخضراء (٩) يحاصره.

فلما وقف شمس الدولة على الكتاب استدعى ياسرًا وقال له: هذا خطك وعلامتك؟ قال: كأنه هو. قال: فبأي شيء استحققت منك هذا، وقد قرَّبتُ منزلتك، وأبقيتُ عليك بلادك، ورفعت بضبعك (١٠) على أهل إقليمك. وأراه الكتاب. فلما وقف عليه


(١) "السلطان" في نسخة ب.
(٢) المثال: الجمع مثالات، وهو أول ما يكتب من الأوراق الرسمية بموافقة السلطان. انظر: صبح الأعشي، ج ١٣، ص ١٥٣ - ١٥٥.
(٣) سورة يوسف: آية (٩٠).
(٤) انظر هذا النص في الروضتين، ج ١ ق ٢، ص ٦٦٣.
(٥) "أمراء العساكر" في نسختى المخطوطة أ، ب، والمثبت بين الحاصرتين من الروضتين، ج ١ ق ٢، ص ٦٦٣.
(٦) انظر: الروضتين، ج ١ ق ٢، ص ٦٦٣ - ٦٦٥.
(٧) كان ياسر بن بلال بن جرير الحبشي وزيرًا للأخوين منصور وأبي سعود ولدي عمران المكرم من أسرة بني زريع الإسماعيلية التي سيطرت على عدن منذ سنة ٤٧٦ هـ / ١٠٨٣ م حتى سقطت في أيدي الأيوبيين. انظر: زامباور: معجم الأنساب، ج ١، ص ١٨١؛ الروضتين، ج ١ ق ٢، ص ٦٦٤ حاشية ١.
(٨) "ويبقى لكم" في الروضتين، ج ١ ق ٢، ص ٦٦٤.
(٩) حصن الخضراء: حصن في اليمن في جبل وصاب من عمل زبيد. انظر: معجم البلدان، ج ٢، ص ٤٥١.
(١٠) الضَّبعُ: العضد كلها وأوسطها بلحمها أو الإبط أو ما بين الإبط إلى نصف العضد من أعلاه. القاموس المحيط ج ٣، ص ٥٣ - ٥٤.

<<  <  ج: ص:  >  >>