للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

عند أبيه، مقابل جامع المنصور" (١). وحضر أرباب الدولة بأسرهم، وابن العطار صاحب المخزن، وجلس أولاده للعزاء يوم الجمعة. واختلفوا في سبب قتله، فقال قوم: أن يتامش واطأ (٢) الإسماعيلية على قتله لِما كان بينهما، فبعث الخليفة فقبض على يتامش، وأخذ أمواله وحبسه في التاج (٣). وقال آخرون: إنما وضع الإسماعيلية عليه ابن العطار صاحب المخزن وهو الظاهر، أسند الوزير الحديث عن أبي القاسم بن الحصين (٤) وغيره. وكان فاضلًا عادلا، وخرج ولده إلى الشام، وهو على بن محمد، فأحسن إليه صلاح الدين.

الأمير شهابُ الدين محمود بن تكش الحارمي؛ خال السلطان صلاح الدين يوسف بن أيوب. كان من خيار الأمراء وشجعانهم، وقد أقطعه ابن أخته حماة حين فتحها، وقد حاصره الفرنج هناك وهو مريض، وكادوا يأخذون البلد، ولكن هزمهم الله بعد أربعة أيام -كما ذكرنا- فانصرفوا خائبين (٥)، وتوفي شهاب الدين المذكور بعد ذلك في هذه السنة، وأعطى صلاح الدين حماة لناصر الدين منكورش بن خمارتكين صاحب صهيون (٦)، وقيل: إنما أعطاها لتقى الدين عمر، وكان ناصر الدين نائبا عنه، والله أعلم.

كمشتكين الخادم؛ خادم نور الدين محمود بن زنكي، وكان من أكابر خدامه، ولاه قلعة الموصل نيابة عنه، فلما مات نور الدين هرب إلى حلب، وأقطعه الملك الصالح حَارِمَ، وأقام بها وعصى عليه، فلما حصره الفرنج صالحه -كما ذكرناه- ثم قتله الملك الصالح كما ذكرناه.

فاطِمَةُ بنت نصر بن العطار (٧)؛ توفيت يوم الأربعاء السادس عشر من رمضان منها، ودفنت عند أبيها، وشاع عنها الذكر الجميل والزهد في الدنيا، ما خرجت من بيتها في عمرها إلا ثلاث مرات لضرورة، وما كانت تلتفت إلى زينة الدنيا، رحمها الله.


(١) ما بين الأقواس ساقط من نسخة ب.
(٢) واطأ: بمعنى وافق. انظر: المصباح المنير، مادة "وطئ".
(٣) التاج: اسم لدار مشهورة ببغداد، وضع أساسها وسماها بهذه التسمية الخليفة المعتضد. معجم البلدان، جـ ١، ص ٨٠٦ - ٨٠٩.
(٤) عن أبي القاسم بن الحصين. انظر: وفيات الأعيان، جـ ٦، ص ١٧١، ضمن ترجمة ابن سعدون القرطبي.
(٥) ورد هذا النص بتصرف في البداية والنهاية، جـ ١٢، ص ٣١٩؛ مرآة الزمان، جـ ٨، ص ٢٢٢.
(٦) صهيون: حصن حصين من أعمال حمص. انظر: معجم البلدان، جـ ٣، ص ٤٣٨.
(٧) انظر: ترجمتها في المنتظم، جـ ١٨، ص ٢٤٥؛ البداية والنهاية، جـ ١٢، ص ٣١٩.

<<  <  ج: ص:  >  >>