للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

حَيصَ بَيصَ (١) الشاعر؛ أبو الفوارس سعد بن محمد بن سعد بن الصيفي التميمي، الملقب شهاب الدين، المعروف بحيص بيص الشاعر المشهور، وكان فقيها شافعي المذهب، تفقه بالرى على القاضي محمد بن عبد الكريم الوزان، وتكلم في مسائل الخلاف، إلا أنه غلب عليه الأدب ونظم الشعر، وأجاد فيه مع جزالة لفظه، وله رسائل فصيحة بليغة. ذكره الحافظ أبو سعد بن السَّمعاني في كتاب "الذيل"، وأثنى عليه، وحدث بشيء من مسموعاته، وقرئ عليه ديوانه ورسائله، وأخذ عنه الناس أدبًا وفضلا كثيرا، وكان من أخبر الناس بأشعار العرب واختلاف لغاتهم، ويقال إنه كان فيه تيه وتعاظم، ولا يخاطب أحدا إلا بالكلام العربي، وكان يلبس زى العرب ويتقلد سيفًا، وكان يزعم أنه من تميم، فسُئل أبوه عن ذلك، فقال: ما سمعته إلا منه، فقال بعض الشعراء يهجوه فيما ادعاه من ذلك:

كم تُطيلُ الطَّراطيرَ وما … فيك شَعْرةٌ من تميمِ (٢)

فكُل الضَّبَّ وابلع (٣) الحنْظلَ اليا … بِسَ واشرَبْ إن (٤) شِئْتَ بَولَ الظَّليمِ (٥)

ليسَ ذا وجهُ مَنْ يُضيفُ ولا يُقْـ … ـرِى ولا يدْفَع الأَذَى عن حريمِ

ومن شعر حيص بيص المستجاد:

سلامةُ المرءِ سَاعةً عجبُ … وكل شيء [لِحَتْفِهِ] (٦) سبَبُ

يَفِرُّ والحادثاتُ تَطلبُهُ … يَفرُّ مِنْها ونحوَها الهربُ

وكيفَ يبْقَى على تَقلبِهِ … مسَلَّمًا مَنْ حياتُه عطبُ (٧)


(١) انظر ترجمته في وفيات الأعيان، جـ ٢، ص ٣٦٢ - ٣٦٥؛ الكامل، جـ ١٠، ص ٩٣؛ البداية والنهاية، جـ ١٢، ص ٣٢١ - ٣٢٢.
(٢) كم تبادى وكم تطول طرطو … رك؟ ما فيك شعره من تميم
هكذا ورد البيت الأول في وفيات الأعيان، جـ ٢، ص ٣٦٤؛ البداية والنهاية، جـ ١٢، ص ٣٤١.
(٣) "واقْرطِ" في وفيات الأعيان، جـ ٢، ص ٣٦٤.
(٤) "ما" في وفيات الأعيان، جـ ٢، ص ٣٦٤.
(٥) الظليم: ذكر النعام، والجمع ظُلمان. انظر: المعجم الوسيط، جـ ٢، ص ٥٨٣.
(٦) "لحقه" في نسختى المخطوطة أ، ب. والمثبت من البداية والنهاية، جـ ١٢، ص ٣٢٢.
(٧) "العطْب" في البداية والنهاية، جـ ١٢، ص ٣٢٢.

<<  <  ج: ص:  >  >>