للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وقال ابن كثير (١): وكان سيف الدين غازي المذكور شابا حسنًا مليح الشكل تام القامة، مدور اللحية، مكث في الملك عشر سنين، ومات عن ثلاثين سنة، وكان عفيفا في نفسه، مهيبا وقورًا، لا يلتفت إذا ركب ولا إذا جلس، غيورًا لا يدع أحدًا من الخدام يدخل على النساء، وكان لا يقدم على سفك الدماء، وينسب إلى شيء من البخل، فأجلس مكانه في المملكة أخاه عز الدين مسعود، وجعل مجاهد الدين قيماز نائبه ومدبر مملكته. وجاءت رسل الخليفة يلتمسون من صلاح الدين أن يبقى سروج (٢) والرها والرقة، وحران والخابور ونصيبين في يده، كما كانت في يد أخيه، فامتنع السلطان من ذلك، وقال: هذه البلاد هي حفظ [ثغور] (٣) الإسلام، وإنما كنت تركتها في يده؛ ليساعدنا على غزو الإفرنج، فلم يكن يفعل ذلك، وكتب إلى الخليفة يعرفه بذلك.

وفي تاريخ بيبرس: وكان مرض غازي السِل، وأراد أن يعهد بالملك إلى ابنه الأكبر معز الدين سنجرشاه، وكان عمره حينئذ اثنتي عشرة سنة، فخاف من صلاح الدين يوسف بن أيوب، ولم يجبه أخوه مسعود إلى ذلك، فأشار عليه أكابر دولته بأن يجعل الملك في أخيه عز الدين مسعود، وأن يجعل لولديه بعض البلاد، وأن يكون مرجعهما إلى عز الدين عمهما، والمتولى لأمرهما مجاهد الدين قيماز، ففعل ذلك، وأعطى جزيرة ابن عمر وقلاعها لولده سنجرشاه، وقلعة الحميدية (٤) لولده الصغير ناصر الدين، وكان مجاهد الدين قيماز الحاكم في الجميع.

وقال ابن الأثير (٥): كان قد علق به سل، وطالت علته، وأجدبت البلاد قبل موته، وخرج الناس يستسقون، وخرج سيف الدين معهم، فاستغاث إليه الناس، وقالوا: كيف يستجاب لنا والخمور والخواطيء والمظالم بيننا؟! فقال: قد أبطلتها. ورجعوا إلى البلد


(١) ورد هذا النص بتصرف في البداية والنهاية، جـ ١٢، ص ٣٢٦؛ الباهر، ص ١٨٠؛ الروضتين جـ ٢ ق ١، ص ٥٤ - ٥٥.
(٢) سروج: بلدة قريبة من حران من ديار مضر. معجم البلدان، جـ ٣، ص ٨٥.
(٣) "ثغر" في نسخة أ، والمثبت من نسخة ب.
(٤) قلعة الحميدية: قلعة حصينة في جبال الموصل، أهلها أكراد، وتقع شرقي الموصل: انظر: معجم البلدان جـ ٣، ص ٦٩٦؛ تقويم البلدان، ص ٢٧٤؛ الباهر ص ٤٨ حاشية (٥).
(٥) انظر: الباهر، ص ١٨٠ - ١٨١؛ كما ورد النص بتصرف في الروضتين، جـ ٢ ق ١، ص ٥٣ - ٥٤؛ مرآة الزمان، جـ ٨، ص ٢٣١ - ٢٣٢.

<<  <  ج: ص:  >  >>