للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وفيهم رجل صالح يقال له: أبو الفرج الدقاق، فأحرق الخمور لا غير، ونهب العوام دكاكين الخمارين، فاستدعى الدقاق والى القلعة، وقال له: أنت جَرَّأْتَ العوام على السلطان. وضرب على رأسه، فانكشفت رأسه، وأطلق ونزل مكشوف الرأس، فقيل له: غطى رأسك، فقال: لا والله لا غطيتها حتى يُنتقم لي ممن ظلمني. فمات الدزدار (١) والذي ضربه بعد قليل، ومرض سيف الدين وتوفي.

ذكر حكايته مع الشيخ أبي أحمد الحداد الزاهد:

كان أبو أحمد قد انقطع في قرية من بلد الموصل، يقال لها الفضلية (٢)، ومنها أصله، وهي على فراسخ من الموصل.

قال السبط (٣): حدثني أبو بكر القديمى وإسماعيل الشعار، وكانا قد صحبا الشيخ أبا أحمد، "قالا: كان سيف الدين يزور الشيخ أبا أحمد" (٤)، فقال له يوما: "يا" (٥) سيف الدين أي فائدة في زيارتك وأنت تشرب الخمر، وتبيح المحرمات، وتمكس (٦) المسلمين؟ فإن كنت تدع هذا وإلا فلا تجيء إلى عندى. فقال: يا سيدي أنا تائب إلى الله من جميع ما قلت، وترك الجميع وعاد إلى ما كان عليه. وكان للشيخ طاقة على باب الزاوية، ينظر من يجيء من دمشق، قال: فبينما نحن عنده يوما، إذا بسيف الدين قد أقبل، وصعد على الدرج، فقال: يا أبا بكر أغلق الباب في وجهه وقل له مالك عندي شغل، وادفعه إلى أسفل الدرج. قال أبو بكر القديمي: فخرجت فاستحييت منه، فقال لي سيف الدين: يا شيخ أفعل بي ما أمرك الشيخ وأدار ظهره إلىَّ، فدفعت في ظهره، حتى أنزلته إلى أسفل الدرج، فقعد يبكي، وصاح الجند بأسرهم، فأشار لهم (٧) أن


(١) الدزدار: هو حافظ القلعة، أي والى القلعة، ودز بالعجمى القلعة، ودار الحافظ أى حافظ القلعة، انظر: وفيات الأعيان، جـ ٧، ص ١٤٢.
(٢) الفضلية: قرية كبيرة كالمدينة من نواحي شرقي الموصل وأعمال نينوي، معجم البلدان، جـ ٣، ص ٩٠٣.
(٣) مرآة الزمان، جـ ٨، ص ٢٣٢.
(٤) ما بين الأقواس ساقط من نسخة ب.
(٥) ما بين الأقواس ساقط من نسخة ب.
(٦) المكس: جمعها المكوس. وهي الضريبة غير الشرعية.
(٧) "إليهم" في نسخة ب.

<<  <  ج: ص:  >  >>