للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ومنها (١) أن فرخشاه بن أخي السلطان صلاح الدين ونائبه بدمشق سار إلى أعمال كرك ونهبها؛ لما بلغه أن الفرنج تطرقوا لأن يسيروا إلى مكة وإلى المدينة -على ساكنها أفضل الصلاة والسلام- فجمع العساكر الدمشقية، وسار إلى بلدهم ونهبه وخَرَّبه، وعاد إلى طرف بلاد الإسلام، وأقام بها ليمنع البرنس (٢) من التعرض إلى المسلمين. وأما الذين سيرهم الفرنج إلى الحجاز؛ فأهلك الله تعالى جميع من سيروا، وقتلوا وأسروا.

ومنها أنه تواصف الناس كثرة الفأر، وشكي أهل الزراعات جائحتهم (٣) به، وأنه كان يرحل من بقعة إلى بقعة، فيغطى الأرض ويجور على مواضع مملوءة زروعًا (٤)، فلا يترك منها شيئا، ويمر بأخرى فيتركها قاعا صفصفًا.

ومنها أنه استوت عدة جيش صلاح الدين على ثمانية آلاف وستمائة وأربعين طواشية، وقرا غلامية (٥).

ومنها أن صاحب ماردين حصر قلعة البيرة، وكانت لشهاب الدين الأرتقي (٦)، وهو ابن عم قطب الدين إيلغازي بن ألبي بن تمرتاش بن إيلغازي بن أرتق صاحب ماردين (٧)، وكان في طاعة نور الدين محمود بن زنكي، فمات شهاب الدين الأرتقي، وملك القلعة بعده ولده، وصار في طاعة عز الدين مسعود صاحب الموصل، فلما كان في هذه السنة أرسل صاحب ماردين إلى عز الدين [مسعود] (٨) يستأذنه في حصر البيرة وأخذها، فأذن له، فسار، فنزل سُمَيْسَاط (٩) وكانت له، وأرسل عسكرها [إلى البيرة] (١٠) فحصرها، فسير


(١) ورد هذا النص في الكامل، ج ١٠، ص ١٠٤.
(٢) يقصد الأمير أرناط. انظر هذه الأحداث في الكامل، ج ١٠، ص ١٠٥.
(٣) الجائحة: لغة هي إهلاك المال واستئصاله. انظر: المعجم الوسيط، مادة "جوح"، ج ١، ص ١٤٥.
(٤) "زرعا" في نسخة ب.
(٥) القرا غلامية: هم جماعات الضبطية، وعملهم مراقبة الطرق أثناء سير الجيوش. انظر: السلوك، ج ١ ق ٢، ص ٧٥، حاشية ٣ (ط. أولى ١٩٣٤).
(٦) هو: شهاب الدين محمود بن إلياس بن إيلغازي بن أرتق. انظر: التاريخ الباهر، ص ١٤٥.
(٧) انظر: تفصيل هذا الخبر في الكامل، ج ١٠، ص ١٠٨.
(٨) ما بين الحاصرتين ساقط من نسخة أ. ومثبت من نسخة ب.
(٩) "شميصاط" كذا في نسختى المخطوطة أ، ب، وقد فضلنا ما اتفقت عليه المصادر الجغرافية في رسم اسمها "سُمَيْسَاط" وقد سبق التعريف بها. راجع معجم البلدان، ج ٣، ص ١٥١ - ١٥٢.
(١٠) إليها في نسختى المخطوطة أ، ب. والمثبت بين الحاصرتين من الكامل، ج ١٠، ص ١٠٨ لتصحيح النص.

<<  <  ج: ص:  >  >>