للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الأمان، فامتنع وقال: لا أفتحها إلَّا بالسيف عنوة، كما فتحتموها عنوة، ولا أترك بها أحداً من النصارى إلا قتلته كما قتلتم أنتم من المسلمين. فطلب صاحبها باليان بن بارزان من السلطان الأمان ليحضر عنده فأمنه، فلما حضر ترفق له وتشفع إليه بكل ممكن، فلم يجبه إلى الأمان لهم. فقالوا: لئن لم تعط الأمان رجعنا فقتلنا كل أسير من المسلمين بأيدينا، وهم قريب من أربعة آلاف أسير، وقتلنا زرارينا وخربنا الدور والأماكن الحسنة، وأتلفنا ما بأيدينا من الأموال، وألقينا قبة الصخرة، وبعد ذلك نقاتل قتال الموت فلا يقتل واحد منا حتى نقتل أعداداً منكم. فماذا يرتجي بعد هذا من الخير؟.

فلما سمع السلطان ذلك أجاب إلى الصلح، على أن يبذل كل رجل منهم عن نفسه عشرة دنانير، وعن المرأة خمسة دنانير، وعن كل صغير وصغيرة دينارين، وأن تكون الغلات والأسلحة والدور للمسلمين ويتحولوا منها إلى مأمنهم وهو مدينة صور، فكتب الصلح على ذلك، ومن لا يبذل ما شرط عليه إلى أربعين يوماً فهو أسير، فكان من أسر بهذا الشرط ستة عشر ألف إنسان من الرجال والنساء والولدان. ودخل السلطان والمسلمون البلد يوم الجمعة قبل وقت الصلاة بقليل، وذلك يوم السابع والعشرين من رجب (١).

قال العماد (٢): وهو ليلة الإسراء برسول الله - صلى الله عليه وسلم - من المسجد الحرام إلى المسجد الأقصى إلى السموات العلى.

وقال الشيخ شهاب الدين أبو شامة (٣): وهذا أحد الأقوال في الإسراء والله أعلم. وكان في القدس بعض نساء الملوك من الروم، قد ترهبت ومعها من الأموال والجواهر والعبيد والخدم شيء كثير، فطلبت [٤٣] الأمان لنفسها ولمن معها، فأمنها السلطان وسيرها إلى مأمنها. وخرجت زوجة الملك المأسور [كي] (٤)، وهي ابنة الملك أماري، وكانت الأخرى قد ترهبت وتزهات، ومعها من الأموال والجواهر والخيول والخدم شيء كثير (٥). فخرجت واستأذنت السلطان في اجتماعها بزوجها، وكان محبوساً في برج نابلس، فأذن لها وسارت وأقامت عند زوجها حتى تخلص.


(١) البداية والنهاية، ج ١٢، ص ٣٤٥؛ كما ورد بتصرف في الروضتين، ج ٢ ق ١، ص ٣١٠؛ النوادر السلطانية، ص ٨١ - ص ٨٢؛ مفرج الكروب، ج ٢، ص ٢١٤؛ الفتح القسي، ص ١٢٧ - ص ١٢٨.
(٢) نقل العينى هذا النص بتصرف من الفتح القسى، ص ١٣٠.
(٣) انظر: الروضتين، ج ٢ ق ١، ص ٣٠١ - ص ٣١٢.
(٤) ما بين الحاصرتين زيادة من الروضتين للتوضيح. الروضتين، ج ٢ ق ١، ص ٣١٢.
(٥) نقل العينى هذه العبارة بتصرف من الروضتين، ج ٢ ق ١، ص ٣١٢؛ انظر أيضًا: الفتح القسى، ص ١٢٨ - ص ١٢٩.

<<  <  ج: ص:  >  >>