للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فلما فرغ يعقوب من أمر قفصة، واستقامت إفريقية، عادوا إلى مراكش، فكان وصوله إليها في سنة أربع وثمانين وخمسمائة (١).

ومنها أنه وقعت فتنة بعرفات يوم عرفة، وقتل شمس الدين محمد بن المقدم، أحد أكابر الأمراء الصلاحية، فإنه لما فتح القدس طلب دستورًا (٢) ليحج ويحرم من القدس، ويجمع في سنة بين الجهاد والحج وزيارة الخليل والنبي صلى الله عليهما وسلم، فأذن له. وكان قد اجتمع في تلك السنة حاج عظيم بالشام، فأراد المذكور الرحيل قبل أمير الحاج العراقي، فضرب كؤساته (٣) قبله، فسير له ينهاه عن الرحيل قبله، وكان أمير الركب العراقيّ طاشتكين (٤)، فقال له: أنت ليس لك تعلّق معي، أنت أمير الحاج العراقي، وأنا أمير الحاج الشامي، وكل منّا يفعل ما يراه. وسار ولم يقف ولم يسمع قوله، فركب طاشتكين في أصحابه، وتبعه من غوغاء الحاج العراقىّ خلق كثير، فلما قربوا منهم خرج الأمر عن الضبط وعجزوا عن تلافيه، فهجم العراقيون على الشاميين وفتكوا بهم ونهبوا أموالهم، وخرج ابن المقدم ليكف أصحابه عن القتال، ولو أذن لهم لانتصف منهم، لكنه راقب الله تعالى، فجرح وأثخن بالجراحة، فأخذه طاشتكين إلى خيمته ليمرّضه ويستدرك الفارط، وسار من ليلته، فلما كان الغد مات بمنى ودفن بمقبرة المعلى (٥).

ومنها أن امرأة من سواد بغداد ولدت بنتًا لها أسنان (٦).

ومنها أن الخليفة الناصر قتل أستاداره مجد الدين أبا الفضل بن الصاحب، ولم يكن للخليفة معه حكم، وظهرت له أموال عظيمة فأخذ جميعها، واستوزر الخليفة أبا المظفر (٧) عبيد الله بن يونس ولقبه جلال الدين، ومشي أرباب الدولة في ركابه حتى


(١) الكامل، ج ١٠، ص ١٣٨.
(٢) يقصد بالدستور الإذن. انظر. Dozy: Supp. Dict. Ar
(٣) الكوسات: مفردها كوسة. وهي صنجة من نحاس تشبه الترس الصغير يدق بأحدها على الآخر بإيقاع مخصوص، والكوسى هو الذي يضرب بالكوسات. القلقشندي: صبح الأعشى، ج ٤، ص ٩، ص ١٣.
(٤) هو مجير الدين طاشتكين. الكامل، ج ١٠، ص ١٩٢ - ص ١٦٣؛ الروضتين، ج ٢ ق ١، ص ٣٨٦ - ص ٣٨٧.
(٥) المعلى (المعلاة) موضع بين مكة وبدر. انظر: معجم البلدان، ج ٤، ص ٥٧٧.
(٦) البداية والنهاية، ج ١٢، ص ٣٥٠.
(٧) "المطهر" في الأصل. والمثبت من زامباور: معجم الأسرات الحاكمة، ج ١، ص ١٠.

<<  <  ج: ص:  >  >>