للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قَاضي القُضَاة ببغداد أبو الحسن علي (١) بن أحمد بن علي بن محمد الدامغاني الحنفي، كان عالمًا فاضلًا صائنًا كامل العقل عفيفًا نزِها جميل السيرة، محمود الأفعال، حسن المعرفة بالقضاء والأحكام، كريم الأخلاق، مهيبًا، وقورًا، جميلًا. سمع الحديث من أبي القاسم هبة الله، والأنماطي وغيرهما، وحدّث باليسير، ولي القضاء برَبْع الكَرْخ (٢) بعد وفاة والده يوم الأحد منتصف جمادى الأولى سنة أربعين وخمسمائة، ولم يزل على ذلك إلى أن تولى قضاء القضاة يوم الاثنين منتصف ذي الحجة سنة ثلاث وأربعين، وخلع عليه بالديوان، وشافهه الخليفة بالولاية عوضا عن قاضي القضاة أبي القاسم علي بن الحسن الزينبي بحكم وفاته، وعمره إذ ذاك ثلاثون سنة، فلم يزل على قضاء القضاة إلى أن عزله المستنجد يوم الثلاثاء الرابع والعشرين من جمادى الأخرى سنة خمس وخمسين وخمسمائة. فكانت مدة ولايته إحدى عشرة سنة وستة أشهر، فلزم بيته بنهر القلائين (٣)، منعكفًا على الاشتغال بالعلم، وكان يقول: أنا على ولايتي وكل القضاة نوابي؛ لأن القاضى إذا لم يظهر فسقه لا يجوز عزله. ثم أعيد بولاية جديدة يوم الأحد لثلاث عشرة ليلة خلت من ربيع الأول سنة سبعين وخمسمائة، واستمر على ذلك إلى أن توفي عشية يوم السبت الثامن والعشرين من ذي القعدة سنة ثلاث وثمانين وخمسمائة، وصلى عليه يوم الأحد بجامع القصر، وحمل إلى مقبرة الشوينزِيَّة (٤)، فدفن عند جده لأمّه أبي الفتح، وكان مولده في سنة ثلاث عشرة وخمسمائة (٥).


(١) انظر ترجمته في العبر في خبر من غبر، ج ١٠، ص ٢٤٩.
(٢) ربع الكرخ: المقصود السوق الموجود بالكرخ. وهذه السوق قديمة حيث نقل أبو جعفر الأسواق من بغداد إلى باب الكرخ في سنة ١٥٧ هـ، وقد أمر ببنائها من ماله على يدي الربيع مولاه. انظر تفصيل ذلك في: الخطيب البغدادي، تاريخ بغداد، المجلد الأول، ص ٧٩؛ معجم البلدان، ج ٤، ص ٢٥٤ - ٢٥٥. والرَّبْع - جمعها رباع بكسر أوله وآخره عين مهملة.
(٣) نهرُ القَلائين: جمع قَلَّاء، وهي محلة كبيرة ببغداد في شرقي الكرخْ، وفي غربيه الشونيزية، وفي قبليه نهر طابق. معجم البلدان، ج ٤، ص ٨٦٣؛ الخطيب البغدادي: تاريخ بغداد، ج ١، ص ٧٩.
(٤) مقبرة الشُّونيزية: وراء المحلة المعروفة بالتوثة بالقرب من نهر عيسى بن على الهاشمي، وهي مقبرة الصالحية ببغداد. تاريخ بغداد، المجلد الأول، ص ١٢٢؛ معجم البلدان، ج ٤، ص ٨٤٣.
(٥) راجع ترجمته في شذرات الذهب، ج ٤، ص ٢٧٩؛ النجوم الزاهرة، ج ٦، ص ١٠٤ - ١٠٥.

<<  <  ج: ص:  >  >>