للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أبو الفضل (١) أستادار بن الصاحب، واسمه هبةُ الله بن علىّ بن هبة الله الملقب بمجد الدين. ولاه المستضيء أستاذ الدار، وأقره الناصر وقربه تقريبًا زائدًا، فبسط يده في الأموال وسفك الدماء، وسبّ الصحابة ظاهرة، وبطر بطرًا شديدا، وكثرت السعايات فيه إلى الخليفة، وأشير عليه بقتله، فاستدعى يوم السبت تاسع عشر ربيع الأول إلى دار الخلافة، فعلم أنه مقتول، فاغتسل غسل الميت وودّع أهله، وخرج فمر على دار الطبل (٢) قبيل الظهر، فقال لعريف الطبالين: دخل الوقت. فقال: قد قرب. فتطيّر، فلما حُصّل في بعض الدهاليز (٣) وثب عليه ياقوت شحنة بغداد فقتله، وماجت بغداد، فأخرج رأسه فعلّق على باب النوبي، فسكن الناس. وعمره إحدى وأربعون سنة، ووجد في داره ما لم يُوجد في دور الخلفاء، فمن العين ألف ألف دينار وخمسمائة دينار، ومن الخيل والبغال [المماليك] (٤) والجواهر والثياب مثل ذلك.

الأمير شمس الدين (٥) بن محمد بن عبد الملك بن المقدم، أحد نواب السلطان الملك الناصر صلاح الدين يوسف بن أيوب قتل في مكة في هذه السنة، وكان أمير الحاج على ما ذكرناه مفصلا.

وفي المرآة (٦): وهو الذي سلم سنجار إلى نور الدين، وصلاح الدين أعطاه بعلبك ثم عوضه عنها ببارين وغيرها، وصلاح الدين لما توجه إلى الشرق استنابه بالشام، وله المواقف المشهورة في الغزوات، وحضر حطين والقدس وعكا وفتوح الساحل، ولما حج وقع الحربُ [٥٤] بينه وبين طاشتكين أمير حاج العراق، وقتل من الفريقين جماعة، ورماه مملوك طاشتكين بسهم فوقع في عينه فخرّ صريعًا، وجاء طاشتكين فحمله إلى


(١) انظر ترجمته في وفيات الأعيان، ج ١، ص ٢٤٥؛ الذهبي، العبر في خبر من غبر، ج ٤، ص ٢٥١؛ الكامل، ج ١٠، ص ١٦٤.
(٢) دار الطبل: هي مكان الطبل. انظر: السلوك، ج ١ ق ١، ص ٤٦؛ القلقشندي، صبح الأعشى، ج ٤، ص ٨ - ص ٩.
(٣) الدهليز: المدخل بين الباب والدار. المعجم الوجيز، ص ٢٣٦.
(٤) "الممالك" كذا في الأصل، والصحيح ما أثبتناه.
(٥) انظر ترجمته في الكامل، ج ١٠، ص ١٦٢ - ص ١٦٣؛ العبر في خبر من غبر، ج ٤، ص ٢٥٠؛ شذرات الذهب، ج ٤، ص ٢٧٦.
(٦) هذه الفقرة من السنتين الساقطتين من سبط ابن الجوزي، وقد وردت هذه الأحداث في الكامل، ج ١٠، ص ٩١، حوادث سنة ٥٧٤ هـ.

<<  <  ج: ص:  >  >>