للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

كُلْ بهذا ثلاثين يومًا، وكان له أخ يقال له: أبو منصور بن نقطة مُزَكلِشْ ينشد في الأسواق ويُسحّر [٥٣] الناس في رمضان، فقيل له: ألا تستحي؟! أخوك زاهد العراق وأنت تُزكلش في الأسواق. فقال مواليا:

قد خاب من شبه الجزعة إلى درة … وسَامَ قحبةَ إلى مستحسنة حرّة

أنا مغنى وخي زاهد إلى مَرّة … في الدار بيرين ذي حلوة وذي مُرة

وكانت وفاته يوم الثلاثاء الرابع من جمادى الآخرة، ودفن بزاويته.

ابن التعاويذي (١) الشاعر، أبو الفتح محمد بن عبيد الله بن عبد الله الكاتب المعروف بابْن التعاويذي، الشاعر المشهور، وكان أبوه مولى لابن (٢) المظفر واسمه نُشتَكِين (٣)، فسمي والده عبيد الله، وهو سبط أبي محمد المبارك بن المبارك بن على بن نصر السراج الجوهري الملقب جمال الدين، وإنما نسب إلى جده المذكور لأنه كفله صغيرة، ونشأ في حجره فنسب إليه.

وكان أبو الفتح (٤) المذكور شاعر وقته، لم يكن فيه مثله، جمع شعره بين جزالة الألفاظ وعذوبتها، ورقة المعاني ودقتها، وكان كاتبًا بديوان المقاطعات (٥) ببغداد، وعمي في آخر عمره سنة تسع وسبعين، وله في عَماه أشعار كثيرة، يرثى عينيه، ويندب زمان شبابه وتصرفه، وكان قد جمع ديوانه بنفسه قبل العمى، وصنف كتابًا سماه "الحجبة والحجاب" وهو قليل الوجود. وكانت ولادته في العاشر من رجب يوم الجمعة سنة تسع عشرة وخمسمائة، وتوفي في ثاني شوال سنة ثلاث أو أربع وثمانين وخمسمائة ببغداد، ودفن في باب أبرز. والتعاويذي نسبة إلى كتبه التعاويذ، وهي الحُروز (٦) واشتهر (٧) بها أبو محمد المبارك بن المبارك المذكور (٨).


(١) انظر ترجمته في وفيات الأعيان، ج ٤، ص ٤٦٦ - ص ٤٧٣.
(٢) "لبنى" كذا في الأصل. والمثبت من وفيات الأعيان، ج ٤، ص ٤٧٣.
(٣) نُشْتِكينْ: هو اسم أعجمي تسمى به المماليك. وفيات الأعيان، ج ٤، ص ٤٧٣.
(٤) في الأصل أبو الشيخ، والتصحيح من وفيات الأعيان، ج ٤، ص ٤٦٦.
(٥) ديوان المقاطعات: كان في العصر العباسي، وقد اختص بالإقطاعات الزراعية التي كان يوزعها الخليفة، وقد حل محله في العصر الأيوبي والمملوكي ديوان الإقطاع. انظر: المقريزي، السلوك، ج ١ ق ٣، ص ٨٤١، ص ٨٤٢، حاشية ٨.
(٦) الحروز: مفرد الحِرْز، وهو العُوذة التي يتعوذ بها. المعجم الوجيز مادة حَرَزَ، ص ١٤٤.
(٧) "وأشهر" في الأصل. والتصحيح من وفيات الأعيان، ج ٤، ص ٤٧٣.
(٨) ورد هذا النص بتصرف في ابن خلكان، كما وردت به ترجمة لأبي محمد المبارك: وفيات الأعيان، ج ٤، ص ٤٦٦ - ٤٧٣. انظر أيضا: شذرات الذهب، ج ٤، ص ٢٨١؛ الروضتين، ج ٢، ص ١٢٣.

<<  <  ج: ص:  >  >>