للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وسقط ما في بطنه بين يديه ومات، وضرب الآخر عبد الحميد فقتله، فوقع الصائح وهربا، ومرابين البساتين على فلاح يسقى بُستانًا وبيده مَرٌّ (١) يعدل به [٦٤] الماء. فرآهما مُريبين، فحمل على أحدهما فضربه بالمرّ، ففلق رأسه فوقع ميتًا، وحمل الآخر على الفلّاح فاتقاه بالمَرّ فقتله، ثم وقف الفلاح يفكر ويقول: لم قتلت هذين وعليهما زيّ الفقر؟! ثم أنه لما سمع الصياح والصراخ جاء إلى الرباط فسأل، مَن قتل الشيخَ؟ قالوا: كان عنده فقيران من صفتهما كذا وكذا، فقال: تعالوا فجاؤا، فرأوهما مقتولين، فتعجبوا وقالوا له: علمت الغيب. قال: لا والله، بل أُلهمت إلهامًا. فأحرقوهما. وكان والي "أُوانا" شخصًا يقال له: مسعود الخادم، غضب عليه الخليفة، فاستصفى أمواله ومات تحت الضرب، وألقى في دجلة، وكان عمر الشيخ حين قُتل قد جاوز التسعين والله أعلم.

خالص بن عبد الله، خادم الإمام الناصر ولقبه مجاهد الدين، مات في هذه السنة، وكان قريبًا من الخليفة، فسلم إليه مماليكه الخواص، وكان سليم الصدر ديّنا (٢).

صاحب تكريت عيسى بن مودود (٣)، ويلقب بفخر الدين، كانت له أخوة على وأرغش وغيرهما، فاغتاله على فقتله، وأظهر أن غلمانه قتلوه، وكان حسَن السيرة جوادًا لا يدخر شيئًا، ولا يرد سائلًا، ولا يخيب قاصدًا، وكان فاضلًا، ومن شعره:

أرى الأيامَ محكوم عليها … ولا حكم لها فعلامَ عَتبُ

فلا تتوهمن الأمر سهلًا … والله إن الأمرَ صعب

قضاءُ الله مقدورٌ علينا … ولكن فيه للإنسان كسبُ

أُسَامَةُ بن مُنْقِذ (٤)، وهو أبو المظفر أسامة بن مُرشد بن علي بن مقلد بن نصر بن منقذ الكناني الكلبي الشَّيْزري، الملقب مؤيد الدولة مجد الدين، من أكابر بني منقذ أصحاب قلعة شيزر وعلمائهم وشجعانهم، له تصانيف عديدة في فنون الأدب، وله ديوان


(١) المَرُّ: آلة يعمل به الطين، وتقلب به الأرض. محيط المحيط، ج ٢، ص ١٩٦٥، مادة "مرر".
(٢) النجوم الزاهرة، ج ٦، ص ١٠٧ - ١٠٨.
(٣) عيسى بن مودود هو: عيسى بن مودود بن علي بن عبد الملك بن شعيب، ويلقب بفخر الدين صاحب تكريت. انظر وفيات الأعيان، ج ٣، ص ٤٩٨ - ص ٥٠٠.
(٤) وفيات الأعيان، ج ١، ص ١٩٥ - ١٩٩، ترجمة ٨٤؛ النجوم الزاهرة، ج ٦، ص ١٠٧؛ الروضتين، ج ٢، ص ١٣٧.

<<  <  ج: ص:  >  >>