للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ولما رأى الإفرنج صبرهم وثباتهم، أنفذوا رسولاً في غضون ذلك، فبلغ الرسول أولاً إلى الملك العادل، فأخذه وأتى به إلى خدمة السلطان ومعه الملك الأفضل أيضاً. ومضمون رسالته: أن ملك الإنكتار يطلب الاجتماع بالسلطان، فأجاب السلطان في الحال بأن الملوك لا يجتمعون إلا عن قاعدة، ولا تحسن الحرب بعد الاجتماع والمؤاكلة، وإذا أراد ذلك فلابد من تقرير قاعدة قبل هذه الحالة، بترجمان يوثق به في الوسط، فإذا استقرت القاعدة وقع الاجتماع بعد ذلك إن شاء الله تعالى وتعظم (١).

[١١٢] الثالثة: كانت يوم السبت الثامن والعشرين من جمادى الأولى، فخرج فارسهم وراجلهم على المسلمين من جانب البحر شمالى البلد، ولما علم السلطان ذلك ركب، وركب العسكر وانتشب القتال بينهم، وقتل من المسلمين بدوىّ وكردىّ، وقتل من العدوّ جماعة وأسر آخرون (٢)، منهم واحد بلبسه وفرسه، ومثل بين يدى السلطان، ولم يزل القتال يعمل إلى أن حجز الليل بينهم (٣).

الرابعة: كانت يوم الأحد التاسع والعشرين من جمادى الأولى، فخرج منهم رجالة كثيرة على شاطئ النهر الحلو، فلقيهم طائفة من اليزَك وجرى بينهم قتال عظيم، ووصلت رجالة المسلمين، والتحم الحرب فأسروا مسلماً وقتلوه وحرقوه، وأسر المسلمون منهم واحداً فقتلوه وحرقوه.

قال القاضى بهاء الدين (٤): ولقد رأيت النارين تشتعلان في زمان واحد. ثم مرض ملك الإنكتار مرضاً شديدًا أشفى فيه على الهلاك، وجُرح الإفرنسيس. وفارقهم المركيس وسار إلى بلده صُورَ خوفاً منهم أن يخرجوا مُلكها من يده، وبعث ملك الإنكتار إلى السلطان -رحمه الله - يذكر أن عنده جوارح قد جاء بها من البحر، وهو على نيّة إرسالها إليه، ولكنها قد ضعفت وهو يطلب لها دجاجاً وطيراً ليتقوى بذلك. فعرف السلطان أنه إنما يطلب ذلك لنفسه بتلطف وحيلة، فأرسل إليه بشيء كثير من ذلك، كرماً منه وسجية وحشمة. ثم أرسل يطلب فاكهة وثَلْجاً، فأرسل إليه أيضاً، فلم يُفد معه


(١) نقل العينى هذا الحدث من النوادر السلطانية، ص ١٦٣؛ الفتح القسى، ص ٤٩٠.
(٢) "وأسر وأحد بلبسه وفرسه" في النوادر السلطانية، ص ١٦٣؛ الفتح القسى، ص ٤٩٣.
(٣) نقل العينى هذا النص من النوادر السلطانية، ١٦٣؛ الفتح القسى، ص ٤٩٢ - ٤٩٣.
(٤) لمزيد من التفاصيل عن هذا الخبر انظر: النوادر السلطانية، ص ١٦٣ - ١٦٤؛ الفتح القسى، ص ٤٩٣ - ٤٩٤.

<<  <  ج: ص:  >  >>