للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

صاحب النوادر (١): ولما جرى ذلك أخذ جماعة من أهل البلد بَركُوسًا، وهو مركب صغير، وركبوا فيه ليلاً خارجين إلى العسكر الإسلامى، وذلك في ليلة الخميس التاسع من جمادى الآخرة من هذه السنة، وكان فيهم من المعروفين [عز الدين] (٢) أرسل، وابنُ الجاولى الكبير، وسنقر الوُشاقى؛ فأما أَرْسل وسنقر فإنهما لمّا وصلا العسكر تغيّبا ولم يُعرف لهما مكان، خشيةً من نقمة السلطان -رحمه الله -، وأما ابن الجاولى فإنه ظفر به ورُمى في الزَرْدخاناه.

وفى سحرة تلك الليلة، ركب السلطان مُشعرًا أنه يريد [كبس] (٣) القوم، ومعه المساحى وآلات طمّ الخنادق، فما ساعده العسكر على ذلك، وتخاذلوا عن ذلك، وقالوا: "تخاطر بأهل الإسلام كلهم، ولا مَصلحةَ في ذلك". وفى ذلك اليوم خرج من ملك الإنكتار ثلاثة رسل فطلبوا فاكهة وثلجاً، وذكروا أن مقدم الإستبارية يخرج في الغد - يعنى يوم الجمعة - فيتحدث معكم في الصلح، فأكرمهم السلطان. ودخلوا سوق العسكر، وتفرجوا فيه، وعادوا تلك الليلة إلى عسكرهم. وفى ذلك اليوم تقدم صارم الدين قايماز النجمى حتى يدخل هو وأصحابه إلى أسوارهم عليهم، وترجَّل جماعة من أمراء الأكراد كالجناح وأصحابه، وهو أخو المشطوب، وزحفوا حتى بلغوا أسوار الفرنج، ونصب قايماز [النجمى] (٤) علمه بنفسه على سورهم، وقاتل قطعةً من النهار، وفى ذلك اليوم وصل عز الدين جُرْديك النورى، وسوق الزحف قائم، فترجَّل هو وجماعته، وقاتل قتالاً شديدًا، واجتهد الناس في ذلك اليوم اجتهاداً عظيماً.

ولما كان يوم الجمعة العاشر من جمادى الآخرة، خرج منهم ثلاثة رسل واجتمعوا بالملك العادل، وتحدثوا معه ساعةً زمانيةً، وعادوا إلى أصحابهم، ولم ينفصل الحال في ذلك اليوم.

ولما كان يوم السبت الحادى عشر من جمادى الآخرة، لبست الإفرنج بأسرهم لباس الحرب، وتحركوا حركة عظيمةً واصطفوا، وتصرّم هذا النهار [١١٦] ولم ينفصل الحال.


(١) ورد هذا النص بتصرف في الفتح القسى، ص ٥٠٥، النوادر السلطانية، ص ١٦٨؛ البداية والنهاية، جـ ١٢، ص ٣٤٣.
(٢) ما بين الحاصرتين مثبت من الروضتين، جـ ٢، ص ١٨٧ لتوضيح النص.
(٣) كبسة: في الأصل والتصحيح من النوادر السلطانية، ص ١٦٨.
(٤) ما بين الحاصرتين إضافة من النوادر، ص ١٦٩.

<<  <  ج: ص:  >  >>