للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أرى قدمي أَراقَ دَمِي … وهانَ دَمِي فها ندمي

والأول مأخوذ من قول أبي الفتح علي بن محمد البُسْتي:

إلى حتفي مشي قدمي … أرى قدمي أراق دمي

فلم [أنفك] (١) من ندم … وليس بنافعي ندمي

وكان ذلك في دولة الملك الظاهر غازي ابن السلطان صلاح الدين يوسف، فحبسه ثم خنقه بإشارة والده صلاح الدين، وكان ذلك في خامس رجب سنة سبع وثمانين وخمسمائة بقلعة حلب، وعمره ثمان وثلاثون سنة. ويقال: إن صلاح الدين أمر بقتله فقتل وصلب أيامًا.

وقال ابن خلكان: وأقمتُ بحلب سنين للاشتغال بالعلم الشريف، ورأيت أهلها مختلفين في أمره، وكل واحد يتكلم على قدر هواه؛ فمنهم من ينسبه إلى الزندقة والإلحاد، ومنهم من يعتقد فيه الصلاح وأنه من أهل الكرامات، ويقولون: ظهر له بعد قتله ما يشهد له بذلك. وأكثر الناس على أنه كان ملحد لا يعتقد شيئًا. نسأل الله العفو والعافية.

وحَبَش بفتح الحاء المهملة والباء الموحدة وبالشين المعجمة. وأَمِيرَكْ معناه أُمَيِّر تصغير أمير، والعجم تلحق الكاف في آخر الاسم للتصغير.

القاضي أبو القاسم قاضي حماة، واسمه الحسين بن حمزة بن الحسين، كان فاضلًا جوادًا سمحًا، لا يُنزِل قِدْرَهُ من النار، يُضَيِّفُ الخلائق من الخاص والعام، وما اجتمع أحد بحماة من الأكابر إلا وأضافه. وكان السلطان صلاح الدين يحبه ويحترمه، كذا أخوه الملك العادل، وتقي الدين صاحب حماة.

قال صاحب المرآة (٢): وبلغني أن العادل اجتاز بحماة فأرسل إلى القاضى يقول: "أريد الحمام خلوة"، فأخلاه، فما خرج العادل من الحمام إلا وقد جهز له من الفواكه والأطعمة والحلاوات [١٣٧] فأكفاه وأصحابه. وما كان يقبل برّ أحد لا من صلاح الدين ولا غيره، ومات بحماة في هذه السنة وخلف ولدًا ذكرًا وللولد أولاد.


(١) "أفتده في الأصل. والمثبت بين الحاصرتين من وفيات الأعيان، ج ٦، ص ٢٧٣.
(٢) انظر: مرآة الزمان، ج ٨، ص ٢٦٤ - ٢٦٥.

<<  <  ج: ص:  >  >>