للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أسعد بن المَطْران الطبيب، ويُلقب بالموفق، وكان نصرانيًا أسلم على يد السلطان، وكان غزير المروعة، حسن الأخلاق، كريم العشرة، جوادًا متعصبًا للناس عند السلطان ويقضي حوائجهم، وكان صحبه صبّي من المسلمين اسمه عمر، وكان حسن الصورة فأحسن إليه، وكان الموفق يحب أهل البيت ويبغض ابن عُنَين الشاعر لخبث لسانه، وقبح هجائه، وثلبه الأعراض الناس، ويحرّض السلطان على نفيه من البلاد. وقال: أليس هو القائل:

سلطاننا أعرج وكاتبه … أعمش والوزير منجذب

فهجاه ابن عنين وقال:

قالوا الموفقُ شيعيٌ فقلت لهم … هذا خلاف الذّى للناس منه ظهر

وكيف يجعل دين الرفضِ مذهبه … وما دعا إلى الإسلام غيرُ عُمر

وكان الموفق يعود الفقراء المرضى، ويحمل إليهم من عنده الأشربة والأدوية حتى أجرة الحمام، وزَوَّجهُ السلطانُ بجارية له يقال لها جوزة، وكانت من حظايا السلطان، ونقل معها جهازًا عظيمًا. ومات في ربيع الأول بدمشق، ودفن بقاسيون على قارعة الطريق عند دار زوجته جوزة. ولما مات اشترت زوجته دارًا وبنت إلى جانبها مسجدًا وبنت له تربة، وهي تعرف اليوم بدار جوزة. وقال السبط: ولما قدمت الشام في سنة ثلاث وستمائة كانت جوزة باقية، وكانت صالحة زاهدة عابدة.

الأمير سليمان بن جندر، من أكابر أمراء حلب، ومشايخ الدولتين النورّية والصلاحية، وهو والد علم الدين بن سليمان، وشهد سليمان مع صلاح الدين حروبه، وهو الذي أشار بخراب عسقلان لتتوفر العناية على حفظ القدس، ولما صعد السلطان إلى القدس مرض سليمان، فطلب المسير إلى حلب، فأذن له السلطان فسار، فتوفي بغباغب (١) في أواخر ذي الحجة، وحُمِلَ إلى حلب فدفن بها.

الأمير حسام الدين محمد بن عمر بن لاچين، صاحب نابلس، وأمه ست الشام بنت أيوب، أخت السلطان صلاح الدين، واقفة الشاميتين بدمشق، توفي ليلة الجمعة


(١) غَباغب: قرية من أول عمل حوران من نواحي دمشق. معجم البلدان، جـ ٣، ص ٧٧١.

<<  <  ج: ص:  >  >>