للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

يوم الأحد، ولا يدرى أي جانب قصدوا. فجرد السلطان أميرًا ومعه عدة من العادلية، وأمرهم بأن يأخذوا في طريق البرية، فعبروا على ماء الحسُى قبل وصول العدو إليه.

وكان مقدم العسكر المصرى فلك الدين [سليمان] (١) أخو العادل لأمه، ولم يسأل عن المنازل والمراحل، وقصد أقرب الطرق، وترك الأحمال على طريق أخرى سائرة، وجاء ونزل على ماء تعرف بالخُوَيلفة (٢)، ونادى تلك الليلة: أنا جزنا مكان المحافة فلا رحيل إلى الصباح. [١٤٥] فاغتر الناس بذلك وناموا مغفلين، فصبَّحهم العدو عند انشقاق الصبح بالصدمة الشاقة، وبغتوهم بغتة، فركب كل منهم إلى وجهة، ومنهم من ركب فرسه عريانا، فتفرقوا في البرية وعاد معظمهم إلى مصر، ومنهم من عاج (٣) إلى طريق الكرك. فأخذ الكفار جمالا لاتعد، وأحمالا لا تحد (٤).

وقال ابن كثير: فكبسوهم ليلا وقتلوا منهم خلقا كثيرًا، وأسروا منهم خمسمائة أسير، وغنموا شيئاً كثيرًا من الأموال والجمال والبغال والخيل، فكانت جملة الجمال ثلاثة آلاف بعير، والتجار الذين معهم نهبت كلهم، فتقوى الفرنج بذلك شيئاً كثيرًا (٥).

وفى النوادر: وكان السلطان قد أوصى عسكر مصر بالاحتراز عند مقاربة العدو، وكانت معهم قوافل كثيرة، واتصل خبرهم إلى العدو من العرب المفسودين، وركب اللعين ملك الإنكتار في ألف راكب مردفين بألف راجل، وسار حتى أتى تل الصافية فبات وعلَّق (٦) على خيله فيه، ثم سار حتى أتى ماء يقال له الحسىُ، وكان السلطان قد أرسل جماعة وصلوا إلى الماء المذكور قبل العدو، ولكن لم يقيموا عليها، وساروا حتى اتصلوا بالعسكر المصرى والقوافل، ثم قصدوا قُرب الطريق؛ فساروا إلى أن وصلوا إلى ماء يقال له الخويلفة، وتفرق الناس لأجل الماء، فأخبرت العربُ العدو بذلك وهم نازلون برأس الحسى، فقاموا من وقتهم وسَرَوْا حتى أتوهم قبيل الصبح فكبسوا عليهم، وكان


(١) ما بين الحاصرين إضافة من الكامل، جـ ١٢، ص ٣٩، المطبعة الأزهرية.
(٢) الخُويلفة: موضع بنواحى فلسطين. انظر: معجم البلدان، جـ ٢، ص ٥٠١.
(٣) عاج إلى: مَالَ وانعطف. انظر: لسان العرب، مادة "عوج".
(٤) نقل العينى هذا النص بتصرف من الفتح القسى، ص ٥٩٣ - ص ٥٩٤.
(٥) نقل العينى هذا النص بتصرف من البداية والنهاية، جـ ١٢، ص ٣٧٠ - ٣٧١؛ الكامل، جـ ١٢، ص ٣٩، المطبعة الأزهرية.
(٦) "علَّف" في النوادر السلطانية، ص ٢١٣.

<<  <  ج: ص:  >  >>