للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الشجاع القوى الذى ركب فرسه ونجى بنفسه. وانقسم القفل ثلاثة أقسام؛ قسم قصدوا الكرك مع جماعة من العرب وعسكر الملك العادل، وقسم أوغلوا في البرية مع جماعة من العرب، وقسم استولى عليهم العدو فساقوهم بجمالهم وأحمالها وجميع ما معهم. وكان في العسكر المصرى جماعة من المذكورين كحسين الجراحى، وفلك الدين، وبنى الجاولى، وآخرين. وقتل من العدو زهاء مائة فارس، وقيل لم يقتل سوى عشرة أنفس، ولم يقتل من المسلمين المعروفين سوى الحاجب يوسف، وابن الجاولى الصغير. وتفرق الناس في البرية ورموا أموالهم. وجمع العدو ما أمكنهم (١) جمعه من الخيل والبغال والجمال والأقمشة وسائر أنواع الأموال. وكلف ملك الإنكتار الجمالين بخدمة الجمال، والخربندية (٢) بخدمة البغال، والساسة بخدمة الخيل، وسار في جحفل من غنيمته، فطلب عسكره فنزل على الخويلفة وسقى منها دوابه، ثم سار حتى أتى الحسىُ، فكانت هذه الوقعة (٣) صبيحة يوم الثلاثاء الحادى عشر من جمادى الآخرة من هذه السنة (٤).

قال القاضى بهاء الدين: ووصل الخبر إلى السلطان في عشية ذلك اليوم بعد عشاء الآخرة، وكنت جالسا في خدمته، فما مر بالسلطان خبر أنكى منه في قلبه [١٤٦]، ولا أكثر تشويشًا منه لباطنه، وأخذتُ في تسكينه وتسليته وهو لايقبل ذلك ولكن يقول: الأمر لله، ويكرر ذلك. قال: وكان وصول العدو إلى مخيمهم في سادس عشر جمادى الآخرة، وكان يومًا عظيمًا عندهم، أظهروا فيه السرور والفرح ما لا يمكن وصفه، وأعادوا خيامهم إلى الموطاة (٥) على بيت نوبة، وصح عزمهم على القدس، وقويت نفوسهم بما حصل لهم من الغنائم والأشياء الواصلة من مصر، ورتبوا جماعة على لُدّ (٦)، يحفظون الطريق على من ينقل الميرة، وأنفذوا الكندهرى إلى صور وطرابلس وعكا يستحضر من فيها من المقاتلة ليصعدوا إلى القدس.


(١) "أمكنه" في النوادر السلطانية، ص ٢١٤.
(٢) الخربندة: كلمة فارسة تعنى خادم مطيع حسن مجيب. المعجم الفارسى العربى الجامع، ص ١٣٢، القاهرة ١٩٨٤.
(٣) عن هذه الوقعة، انظر: النوادر السلطانية، ص ٢١٤.
(٤) ورد هذا النص بتصرف في النوادر السلطانية، ص ٢١٤.
(٥) "الوطاه" كذا في الأصل. والتصحيح من النوادر السلطانية، ص ٢١٤.
(٦) لُدَّ: قرية قرب بيت المقدس من نواحى فلسطين. انظر: معجم البلدان، جـ ٤، ص ٣٥٤.

<<  <  ج: ص:  >  >>