للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فسار قطب الدين ملكشاه وهجم على والده قليج أرسلان بمدينة قونية وقبض عليه، وقال لوالده وهو في قبضته: أنا بين يديك أنفذ أمرك، ثم أنه أشهد على والده بأنه قد جعله ولى عهده. ثم مضى ملكشاه المذكور إلى حرب أخيه نور الدين سلطان شاه صاحب قيسارية، ووالده في القبضة معه، وهو يُظهر أنما يفعله بأمر والده. فخرج عسكر قيسارية لحربه، فوجد أبوه عز الدين قليج أرسلان - عند اشتغال العسكر بالقتال - فرصة، فهرب إلى ولده سلطان شاه صاحب قيسارية، فأكرمه وعظمة كما يجب عليه، فرجع قطب الدين ملكشاه إلى قونية وخطب لنفسه بالسلطنة، وبقى أبوه قليج أرسلان يتردّد في بلاده بين أولاده، كلما ضجر منه واحد منهم انتقل إلى الآخر، حتى حصل عند ولده غياث الدين كيخسرو بن قليج أرسلان صاحب بُرغلو، فقوىّ أباه قليج أرسلان وأعطاه وجمع معه وحشد، وسار معه إلى قونية وملكها، وأخذها من ابنه ملكشاه. ثم سار إلى آقْصرا (١)، فاتفق أن عز الدين قليج أرسلان مرض ومات في التاريخ المذكور، وأخذه ولده كيخسرو وعاد به إلى قونية فدفنه بها.

واتفق موت ملكشاه بعد أبيه قليج أرسلان بقليل، فاستقر كيخسرو في ملك قونية، وأثبت أنه ولىّ عهد أبيه قليج أرسلان. ثم أن ركن الدين سليمان، أخا غياث الدين كيخسرو، قوى على أخيه كيخسرو وأخذ منه قونية، فهرب كيخسرو إلى الشام مستجيرًا بالملك الظاهر صاحب حلب. ثم مات ركن الدين سليمان سنة ستمائة، وملك بعده ولده قليج أرسلان بن سليمان، فرجع غياث الدين كيخسرو بن قليج أرسلان إلى بلاد الروم، وأزال ملك قليج أرسلان بن سليمان، وملك بلاد الروم جميعًا، واستقرت له السلطنة ببلاد الروم وبقى كذلك إلى أن قتل. وملك بعده أبنه عز الدين كيكاوس بن كيخسرو، ثم توفى كيكاوس وملك بعده أخوه السلطان علاء الدين كيقباذ بن كيخسرو. ثم توفى علاء الدين كيقباذ سنة أربع وثلاثين وستمائة، وملك بعده ولده غياث الدين كيخسرو بن كيقباذ بن كيخسرو، وكسره التتار سنة إحدى وأربعين وستمائة. وتضعضع حينئذ ملك السلاطين السلجوقية ببلاد الروم، ثم مات غياث الدين كيخسرو بن كيقباذ ابن كيخسرو بن قليج أرسلان بن سليمان بن قطلومش [١٦١] بن أرسلان بن سلجوق.


(١) آقصْرًا: يطلق عليها آق سراى، وهى قرب قونية، وهى من أحسن بلاد الروم وأتقنها. انظر: رحلة ابن بطوطة، ص ٣١٠، تحقيق طلال حرب، ط. بيروت ١٩٨٧ م؛ السلوك، جـ ١ ق ١، ص ١١٢، حاشية ١؛ تقويم البلدان، ص ٣٨٢.

<<  <  ج: ص:  >  >>