للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

اجتاز بنابلس في عوده إلى دمشق، فاجتمع أهلها وشكوا إلى السلطان واستغاثوا، فقال: ما لهؤلاء؟ قالوا: يتظلمون من المشطوب، وهو راكب بين يديه، فقال: يا عَلِىّ لو كان هؤلاء يدعون لك هيهات حتى يسمع الله، فكيف وهم يدعون عليك؟. واختلفوا في وفاته؛ فقال العماد: مات المشطوب في نابلس في آخر شوال. وقال القاضى ابن شداد: مات بالقدس وصلى عليه في المسجد الأقصى ودفن بداره.

راشد الدين سنان بن سليمان بن محمد، وكنيته أبو الحسن، صاحب دعوة الإسماعيلية بقلاع الشام، وأصله من البصرة، توفى في هذه السنة. قال بيبرس عن ما يملكه: كان عالما فاضلاً أدب، وكانت له معرفة وسياسة، وحذق في إقامة الدعوة، واستجلاب للقلوب، ولم يقم أحد بعده مقامه.

وفى المرآة: وكان في حصن ألموت (١)، فرأى منه صاحب الأمر في تلك البلاد نجابة وشهامة ويقظة، فسيَّره إلى حصون الشام، وكان مجيئه إلى الشام في أيام نور الدين محمود، فأقام واليا ثلاثين سنة، وجرت له مع السلطان قصص، وبعث إليه جماعة فوثبوا عليه، وكان في عزم السلطان قصده، ولم يعطه طاعة قط. ولما صالح السلطان الإفرنج وعزم على قصده توفى، ويحكى عنه العجائب والغرائب (٢).

السلطان عز الدين قليج أرسلان بن مسعود بن قليج أرسلان بن سليمان بن قطلومش بن أرسلان بيغو بن سلجوق، صاحب بلاد الروم [١٦٠]، توفى يوم السبت منتصف شعبان من هذه السنة. وكان ملكه في سنة إحدى وخمسين وخمسمائة، وكان ذا سياسة حسنة، وهيبة عظيمة، وعدل وافر، وغزوات كثيرة. وكان له عشر بنين، قد وَلَّى كل واحد منهم قطرًا من بلاد الروم، وأكبرهم قطب الدين ملكشاه بن قليج أرسلان المذكور، وكان أبوه قد أعطاه سيواس، فسولت له نفسه القبض على أبيه وإخوته والانفراد بالسلطنة، وساعده على ذلك صاحب أرزنكان (٣).


(١) حصن ألموت: قلعة على جبل شاهق من حدود الديلم. راجع: الكامل، جـ ٨، ص ١٤٠.
(٢) مرآة الزمان، جـ ٨، ص ٢٦٩؛ شذرات الذهب، جـ ٤، ص ٢٩٤.
(٣) أرزنكان أو أرزنجان: من بلاد أرمينيا بين بلاد الروم وخلاط وغالب أهلها أرمن. انظر: معجم البلدان، جـ ١، ص ٢٠٥.

<<  <  ج: ص:  >  >>