للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

فلما رآه سأله: من أين هو؟ ومتى قدم البلاد؟ وفي أي شيء قدم؟ وهو يجاوبه عن كل سؤال، فلما ظهر له [منه] (١) ضعف الحال والصدق والعجز عن إيصال المكروه إليه، أعطاه شيئًا وقال له: يا شيخ ادْعُ لنا، وأطلق سبيله، وعاد إلى مسجده. فلما استفتى صلاح الدين في أمر العاضد والقبض عليه، وأفتاه الفقهاء، كان هذا الصوفي هو المبالغ في فتواه، وهو الشيخ نجم الدين كما ذكرنا، فصحَّت بذلك رؤيا العاضد (٢).

الرابع في وفاة العاضد:

قال بيبرس: جلس الخليفة في قصرة بعد الإرجاف بقطع خطبته، فظهر عليه ضعف القوى، وتخاذل الأعضاء، وأثر الحمى. ولما اشتد مرضه، تخاذل عنه حتى طبيبه الذي يعوده، وانقطع عن عيادته (٣).

وما أحسن قول الشاعر:

جَرَّبْتُ فِي شِدَّتِى أَنْ لَا صَدِيق لِمَنْ … أضْحَى كعصْفٍ عليه الدهرُ قد عصفا

خُلْقُ الصَّدِيقِ لِخُلْقِ الدَّهْر مُتَّبعٌ … فإن صفا (٤) لك صَافَى أو جفاك جَفَا

ثم توفي يوم عاشوراء من هذه السنة، فلم يكن بين قطع خطبته ووفاته إلا أيام يسيرة. وقال القاضي الفاضل: كان (٥) بين وضع اسمه من على أعواد المنابر ووضع جثته على أعواد النعش ثلاثة أيام. فأقام له صلاح الدين الجنازة، وواصل العزاء به شهرًا كاملًا.

وفي المرآة (٦): واختلفوا في سبب وفاته على أقوال؛ أحدها: أنه تفكر في أموره فرآها في إدبار، فأصابه ذرب (٧) عظيم، فمات منه.


(١) ما بين الحاصرتين إضافة لازمة من وفيات الأعيان، جـ ٣، ص ١١١.
(٢) نقل العينى هذا النص بتصرف من وفيات الأعيان، جـ ٣، ص ١١١.
(٣) "يعوذه وانقطع عن عياذته" كذا في نسخة ب.
(٤) "صفى" كذا في نسخة أ والمثبت من نسخة ب، وهو الصحيح.
(٥) "وكان" في نسخة ب.
(٦) مرآة الزمان، جـ ٨، ص ١٨١.
(٧) كذا في الأصل، وفي المرآة "كرب"، جـ ٨، ص ١٨١، حيث ينقل العينى عنه بتصرف.

<<  <  ج: ص:  >  >>