أنجزَ الدهرُ فيكُم مِعادي … بعدَ طُولِ الإبراقِ والإرْعادِ
ورجعتم إلى مكارِم كانت … لعُلاكم مُذ كنتم خيرَ عادِ
وتعاهدتُم عهودَ وفاءٍ … جمعَتْ شملَكُم لكَبْتِ الأعادِ
وتسنمتُم من العِزّ هَضْبًا … يَنظُر النجمَ أَوْجه مِنْ بِعَادِ
لم يَكْن لايقًا بنجلِ صلاح … الدين حالُ معذوقة بفسَادِ
حاش لله ما عهدنا النُجومَ … الزُهُرَ يُدعَى من شَملِها ببِدادِ
أرأيتَ الأشْبال يَخرجُ يومًا … خُلْقُها عن خَلائِق الآسَادِ
أيُّما والد به رحِمَ اللهُ … البرَايَا وأيُّما أَوْلاد
بَدأ الخيرَ للعِبادِ وما منهمُ … سِوي عايدٍ بما هُو بَادِ
بأبي من عليه أجمعت الآ … راءُ إذ صحّ فيه كلُّ اعتقادِ
لهو الظاهرُ الذي أظهر الله … به مُعجزَ النُهَى والسَّدادِ
والذَّي حَلَّ من مَكارمِه الذرْوة … فالناسُ حَولَه كالوِهَادِ
مرضَ الحقُ ثم صَحَّ فقدت قَرّت … عيُونُ الأسَاةِ (١) والقوادِ
خَلةٌ (٢) ساء صُنعُها فاسْتحَالت … خُلةً (٣) ذات صفوةٍ وودادِ
كدرت بعض ما صَفا مِن قلُوبِ … زَال ما اسْتَشعَرَت من الأحقاد
دولةٌ ألفَ المودة فيها … رَأيُك الجَزلُ بعدَ طولِ شرَادِ
حَالَ قوم أنّي يمخُضُوا زُبدةَ … القصد بها فانثنَوْا عنِ الأقصادِ
يالها من غواية لم يكن … إلاك فيها الهادي إلى الإرشادِ
كُنت فيها الغِياث كاسْمِك … للإسلام بين الإسعافِ والإسعادِ
فليغرد بحمدك الملك الأفضل … مع رائحٍ إليه وغاد
آل أيوب طال باعُ المعالى … إن جنحتم لرقة الأكبادِ
شِدُّتم ذروة العُلى … بعد ما أشفت وزالت أركانُها لانهداد
فرق ما بينكم وبين ملوكِ الأرضِ … فرقُ الأرواحِ والأجسادِ
(١) الأُساة: الآسى الجراح والطبيب والجمع أُسَاة. مجمع اللغة العربية: المعجم الوجيز، ص ١٨.
(٢) خَلَّة: الثقبة الصغيرة والحاجة والفقر والخصلة. المعجم الوجيز، ص ٢١٠.
(٣) خُلة: كل نبت حلو، والصداقة والمحبة التي تخللت القلب فصارت خلاله في باطنه. المعجم الوجيز، ص ٢١٠.