للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وكتب عدة كتب للظاهر ولغيره من ملوك الأطراف، وترددت الرسل من الأفضل إلى العزيز في طلب الصلح، وبذل كل مراد من سِكّة وخطبة وطاعة فامتنع إلا بتسليم دمشق، فأرسل الأفضل نجابيه يستحث العادل والظاهر والمنصور صاحب حماة ليستنجدوه، ولما بلغ العادل نزول العزيز على دمشق وحصاره أخاه الأفضل عبر الفرات واجتمع بالملك الظاهر وشفع في دلدروم الياروقي والياروقية (١). فخلع عليهم وطيب قلوبهم ورحلوا جميعًا فنزلوا حماة وأتت رسل العادل إلى العزيز، يذكر أن وصوله للإصلاح بين الأخوة، فكتب إليه العزيز كتابًا بخطه بالابتهاج بمقدمه، وبذل الرجوع إلى رأيه، وجهز فخر الدين أياز جهاركس (٢) في عدة وعدة مجملة للقاء الملك العادل، وحلف لرسوله على الوفاء به والرجوع إلى رأيه، فلما وصل العادل إلى العزيز سفر بالصلح بينه وبين الأفضل، فكتب العزيز كتابًا إلى نوابه بأن لا يمنعوا نواب الأفضل شيئًا من إقطاعاته ويبسطوا أيديهم. ورحل العزيز عن دمشق عائدًا إلى ديار مصر بعد الصلح على أن يكون للعادل الخبز العادلي الذي كان له بمصر وحران والرها بالجزيرة والشوبك والكرك بالشام، وأن يكون للأفضل دمشق وأعمالها، وأن العادل يقرر الخطبة للعزيز ويضرب السكة باسمه، وأن ينجده العزيز بألف فارس ليفتح خلاط (٣).

ولما توجه العزيز إلى مصر خرج الأفضل والظاهر لوداعه، ورحل العادل إلى حلب، فسير الظاهر أخاه الزاهر (٤) لتلقيه، فلما وصل نزل الظاهر إليه وتلقاه وأصعده إلى القلعة (٥) ونزل منها وحلف أنه لا يطلع إليها إلا بعد أن يهبها له العادل هبة جديدة، ففعل كل منهما ما ظنه الآخر فيه، فقال الرشيد النابلسي (٦) يذكر الصلح ويمدح الظاهر:


(١) عن هذا الخبر راجع، مفرج الكروب، جـ ٣، ص ٢٩.
(٢) فخر الدين أياز جهاركس: هو أبو المنصور جهاركس بن عبد الله الناصري الصلاحي الملقب بفخر الدين، كان من أمراء الصلاحية، وتوفي في سنة ٦٠٨ هـ. انظر: مفرج الكروب، جـ ٣، ص ١١.
(٣) ذكر هذا الخبر بتصرف في السلوك، جـ ١، ق ١، ص ١١٦ - ص ١١٧؛ نهاية الأرب، جـ ٢٨، ص ٤٤٧ - ٤٤٨.
(٤) الزاهر: أبو سليمان داود الملقب الملك الزاهر مجير الدين بن السلطان صلاح الدين يوسف بن أيوب، ولد بمدينة القاهرة لسبع بقين من ذي الحجة، وقيل ذي القعدة سنة ثلاث وسبعين وخمسمائة، وتوفي في البيرة في ليلة التاسع من صفر سنة اثنتين وثلاثين وستمائة. وفيات الأعيان، جـ ٢، ص ٢٥٧ - ٢٥٨.
(٥) عن هذا الخبر بالتفصيل انظر: مفرج الكروب، جـ ٣، ص ٣٦؛ نهاية الأرب، جـ ٢٨، ص ٤٤٥؛ السلوك، جـ ١، ق ١، ص ١١٧، ١١٨.
(٦) الرشيد النابلسي: أبو محمد عبد الرحمن بن محمد بن بدر بن الحسن بن بكار الشاعر المعروف بابن النابلسي توفي بدمشق ٦١٩ هـ، ودفن بباب الصغير. انظر: وفيات الأعيان، جـ ٥، ص ٢٦٦، جـ ٧، ص ٣٤١، ترجمة ٢٦٣.

<<  <  ج: ص:  >  >>