للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فأكرمهم وأحسن إليهم. وفي تاريخ بيبرس: وفي صفر من سنة تسعين حلف العزيز لعمه العادل على أنه يصافيه ويوادّه ويبقى له ما بيده من الضياع والقلاع بالشام ومصر، واستشعر ميمون القصري، وألبكي الفارسي، وسنقر الكبير تغيّر الأفضل عليهم لأنهم كانوا انفصلوا عن العادل وعادوا بغير إذنه، فكتب يشير على الأفضل بأخذ أخبازهم (١)، فلما أحسوا بذلك تسحبوا إلى مصر، وركب الجيش فلم يدركوهم، فأخذوا نساءهم فوضعوهن في الشقيف، وأعطى الأفضل إقطاعاتهم لمماليكه وخواصه، ووصل رسول الملك العادل إلى العزيز وكتابه يخبره أن الهدنة قد انفسخت مع الإفرنج بسبب تعديهم وأخذهم جُبَيل (٢)، وكانوا قد أخذوها على ما نذكره عن قريب إن شاء الله، وإن اجتمعت العساكر بمصر والشام فلا قبل للإفرنج بهم. وقال في آخر كلامه: إن العادل يحضر ومعه عشرة آلاف فارس للمعونه على الإفرنج (٣). وعند ذلك تجهز العزيز وخرج إلى المخيم، وندب العسكر للخروج وضيق عليهم في التأخير، وأقام بالقاهرة بهاء الدين قراقوش، وصيرم، وسيف الدين يازكوج، وخطلخ، وجماعة من الأمراء عدتهم تسعمائه فارس (٤)، واحتاط على القصبيات بالغور وهي جارية في قطاع الأفضل، وخرج أخوه الأفضل من دمشق لتخريب حصن كوكب، ونزل على رأس الماء في سبعمائة فارس، وراسل الظاهر في الصلح، فتم الصلح بين الظاهر والأفضل على أن ينزل له الأفضل عن اللاذقية وجبلة، وشرط عليه الأفضل أن ينجده، وتوجه العزيز بعسكره إلى نحو دمشق واستولي على ميدان الحصى، وأقطع بلد دمشق وشرع في جمع الرجال وبين يديه قايماز النجمي متولى جميع الأمور، وكتب العزيز كتاب إلى العادل يقول فيه: إنا ما خرجنا من القاهرة إلا لخلاص جبيل من الإفرنج، فبلغني أن الأفضل قد حالف علينا وأراد تسليم البلاد للكفار فأحوجت الضرورة إلى أن شقت إليه وقد بلغني أنك تدخل بيني وبينه، وحاشاك من ذلك وأنا خير لك منه، وإن أردت أن تكون أنت السلطان ورئيس الجماعة فأنا راض بذلك ومبلغ غرضك (٥).


(١) مفردها خبز. ومعناه الإقطاع من الأرض، وهي كلمة مشتقة من اللغة اللاتينية. انظر Dozy: Supp.Dict.Arab السلوك، جـ ١، ق ١، ص ٦٥، حاشية ٧.
(٢) جبيل: انظر ما سبق، جـ ١، ص ٢٧٤، حاشية ١٢.
(٣) ورد هذا الخبر في السلوك، جـ ١، ق ١، ص ١٢١؛ زبدة الحلب، جـ ٣، ص ١٣٠.
(٤) ذكر النويرى أن عدد الأمراء كان ألفي فارس. نهاية الأرب، جـ ٢٨، ص ٤٤٤.
(٥) نقل العيني هذا الحدث بتصرف من السلوك، جـ ١، ق ١، ص ١١٦؛ نهاية الأرب، جـ ٢٨، ص ٤٤٤ - ٤٤٥.

<<  <  ج: ص:  >  >>