للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الشرقية، وأقبل الأفضل على اللهو والشرب وأعرض عن مصالح الرعية، والأمور كلها بيد وزيره الجزري، وكان الجزري سيء التدبير، ناقص الرأي، رديء السيرة، ففسدت الأمور بسببه، وفارق الأفضل عز الدين سامه، والأمير شمس الدين إبراهيم بن السلار (١)، ومن الأعيان جمال الدين بن أبي الحصين والقاضي (٢) محيي الدين لما شاهدوا من الأحوال الردية. وعرض الأمير عز الدين سامه وابن السلار وغيرهما على الملك العزيز على أن يحارب أخاه الأفضل ويسير إلى الشام والأفضل غافل عن مصالحه، مُستهم بلهوه، فبينما هو كذلك إذ أصبح الأفضل ذات يوم مظهرًا للتوبة، ونادي في الناس بإراقة الخمور ولازم الاعتكاف والصلاة والعبادة والصدقات، ولبس القطن ونهي عن المنكر وأمر بالمعروف وجالس الفقراء (٣)، وواكلهم وبالغ في قهر النفس إلى أن صار يصوم النهار ويقوم الليل.

وفي المرآة (٤): وفيها أي في سنة تسعين عاد الاختلاف بين العزيز والأفضل، وقد ذكر العماد القصه فقال: لما كان العزيز نازلًا على الفوار رحل أبو الهيجاء والأسدية عشية الاثنين رابع شوال، وكانوا أكثر العسكر، وأخبر العزيز (٥) بهم فما بالي بانصرافهم. وقال: صفونا من أكدارهم ولم يأمر أصحابه باتباعهم، وبقي في خواص نفسه تلك الليلة ورحل، واتفق العادل والأفضل على أن يكون ثلث البلاد للعادل والثلثان للأفضل وهو السلطان، واستناب الأفضل بدمشق أخاه قطب الدين موسى، وخاف العزيز من الأسدية الذين بالقاهرة أن يفعلوا كما فعل إخوانهم ويمنعوه من دخولها، وكان قد استناب بها بهاء الدين قراقوش ثقة بمودته، فلما وصل إلى القاهرة خرج قراقوش والأسدية إلى لقائه


(١) نقل العينى هذه الأحداث بتصرف من مفرج الكروب، جـ ٣، ص ٢٨ - ص ٣٤؛ السلوك، جـ ١، ق ١، ص ١١٦ ص ١١٧.
(٢) القاضي محيي الدين:
أبو المعالي محمد بن أبي الحسن علي بن محمد بن يحيى بن علي بن عبد العزيز بن على بن الحسين بن محمد بن عبد الرحمن بن القاسم بن الوليد بن القاسم بن عبد الرحمن بن أبان بن أمير المؤمنين عثمان بن عفان (رضي الله عنه) القرشي، الملقب محيي الدين المعروف بابن زكي الدين الدمشقي، الفقيه الشافعي، ولد سنة خمسين وخمسمائة بدمشق، وتوفي في سابع شعبان سنة ثمان وتسعين وخمسمائة بدمشق. انظر: وفيات الأعيان، ص ٢٢٩ - ٢٣٦.
(٣) يقصد بالفقراء هنا المتصوفة.
(٤) مرآة الزمان، جـ ٨، ص ٢٨٢ - ٢٨٣؛ نهاية الأرب، جـ ٢٨، ص ٤٤٧؛ الروضتين، جـ ٢، ص ٢٣٠.
(٥) "العدو" في المرآة وهو خطأ، إذ ذكرها أبو شامة "العزيز"؛ الروضتين، جـ ٢، ص ٢٣٠.

<<  <  ج: ص:  >  >>