للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الأمير صارم الدين قايماز النجمى (١)، ومضى إلى الملك العزيز فجعله من أكبر أمرائه، فكاتب الأفضل أخاه الظاهر صاحب حلب، وسأله الاتفاق والمعاضدة، فأجابه إلى ذلك وتحالفا عليه، وكتب إلى عمه العادل يستنجده ويستصرخ به، وسار العزيز إلى الشام ووصل إلى الفوار (٢)، وكان أخوه الأفضل نازلًا بها، فخالطت مقدمته ساقة عساكر دمشق، فولوا منهزمين، ودخل الأفضل إلى دمشق، ونزل العزيز الكسوة لست مضين من جمادى الآخرة، ثم نزل في السابع منه على دمشق وحاصرها، والأفضل يُدافع ويمانع إلى أن وصل العادل وكتب إلى ابن أخيه العزيز يسأله الاجتماع به، فاجتمعا راكبين بصحراء المِزّة (٣)، فسأله الإقلاع عن قتال أخيه، فأجاب إلى ذلك، ثم تأخر العزيز مرحلة (٤) إلى صوب داريا (٥) والأعوج، وكان بدمشق عند الأفضل الملك المنصور صاحب حماة، والملك المجاهد (٦) صاحب حمص، والملك الأمجد (٧) صاحب بعلبك، ثم وصل الملك الظاهر صاحب حلب، ووقع الاتفاق بين الجميع، ورحل العزيز إلى مرج الصفر وكتب نسخة مضمونها أن يكون كل واحد من الظاهر والأفضل والعادل ببلاده بعساكره آمنًا من أن يقصده صاحبه، وأن يكون الملك المجاهد صاحب حمص، والملك الأمجد صاحب بعلبك مع الملك الأفضل مؤازرًا له، وأن الملك المنصور صاحب حماة يكون مع الظاهر صاحب حلب مُؤازِرا له، وحلف الملك العزيز بهذا وزال الخلاف، وسكنت الدهماء، وخطب العزيز ابنة عمه العادل، فأجابه إلى ذلك وعقد عقد النكاح، وكان متوليه القاضي محيي الدين بن زكي الدين قاضي القضاة بدمشق، وحلفت الملوك، ورجع العزيز إلى مصر في مستهل شعبان، ورجع العادل إلى بلاده


(١) صارم الدين قايماز بن عبد الله النجمي: من أكبر أمراء الدولة الصلاحية وهو مملوك نجم الدين أيوب بن شاذي والد الملوك، توفي في سنة ٥٩٦ هـ/ ١١٩٩ م. انظر: مفرج الكروب، جـ ٣، ص ٢٧؛ نهاية الأرب، جـ ٢٨، ص ٤١١.
(٢) الفوَّار: بالشام من أرض السواد، انظر: زبدة الحلب، جـ ٣، ص ١٣٤، حاشية ٢؛ العماد الأصفهاني: خريدة القصر، قسم شعراء مصر، جـ ١، ص ٧، حاشية ٣.
(٣) المزة: انظر ما سبق، جـ ١، ص ٣١٢، حاشية ٩.
(٤) المرحلة: المسافة التي يقطعها المسافر في نحو يوم. انظر: محيط المحيط، مادة "رحل".
(٥) داريا: انظر ما سبق، جـ ١، ص ٤١، حاشية ٣.
(٦) الملك المجاهد: أسد الدين شيركوه بن محمد بن شيركوه ومولده في سنة تسع وستين وخمسمائة وتوفي يوم الثلاثاء تاسع عشر شهر رجب سنة سبع وثلاثين وستمائة بحمص. وفيات الأعيان، جـ ٢، ص ٤٨٠.
(٧) الملك الأمجد: انظر ما سبق، جـ ١، ص ٣٢٧، حاشية ٨.

<<  <  ج: ص:  >  >>