للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وقلعة لا موج وغيرها من الحصون والقلاع، وأنفذوا بني شملة أصحاب بلاد خوزستان إلى بغداد. وقال بيبرس: وإنما أرسل الخليفة ابن القصاب لأنه أولًا خدم فيها وولى الأعمال بها وصار له بها أصحاب وأصدقاء، وعرفها وخبر بلادها ومن أي وجه يمكن الدخول إليها والاستيلاء عليها، فلما ولى ببغداد نيابة الوزارة أشار على الخليفة بأن يُرسله في عسكر إليها ليملكها له، فاتفق أن صاحبها ابن شملة توفي واختلفت أولاده بعده، فراسل بعضهم مؤيد الدين المذكور؛ يستنجده لما بينهم من الصحبه، فقويت أطماعه في البلاد فجهزت العساكر صحبته، وجرت بينهم أمور، ثم ملك تستر والقلاع المذكورة وأنفذ أولاد شملة أصحاب خوزستان إلى بغداد، فوصلوا في ربيع الأول (١) منها.

وفي المرآة، وفي سنة تسعين وخمسمائة قدم ابن القصاب الوزير من العجم، وخلع عليه الخليفة وأمر أرباب الدولة أن يمشوا بين يديه، منهم أستاذ الدار ابن يونس (٢)، وكان وزيرًا قبل هذا، فامتنع ابن يونس من المشي بين يديه، فقال ابن القصاب: هذا ظاهَرَ الخوارج على الخليفة، وكسر عسكره بحماقته، وشَنَّع على الخليفة أنه مات، وكتب محضرًا بذلك، واشتبه على القضاه، وعرضه على الخليفة، فأمر بالقبض على ابن يونس، فأخذ أخذة بشعة، وقتل ورُمي تحت التاج (٣)، وكان آخر العهد به (٤).

ومنها أنه كانت وقعة عظيمة بين شهاب الدين (٥) ملك غزنة وبين الهند من الكفار، وكانوا في ألف ألف مقاتل ومعهم سبعمائة فيل منها فيل أبيض لم يُر مثله، فهزمهم شهاب الدين عند نهر عظيم يقال له اللاهُوز (٦)، وقتل ملكهم واستحوذ على حواصلهم


(١) وردت هذه الأحداث بتصرف في الكامل، جـ ١٢، ص ٤٥ - ٤٦؛ البداية والنهاية، جـ ١٣، ص ١١؛ مرآة الزمان، جـ ٨، ص ٢٨٥ - ٢٨٦؛ المختصر في أخبار البشر، جـ ٣، ص ٩٠.
(٢) ابن يونس: عبيد الله بن يونس بن أحمد الوزير جلال الدين أبو المظفر الحنبلي ولي حجابة الديوان ثم استوزره الخليفة وتوفي سنة ٥٩٣ هـ. انظر: النجوم الزاهرة، جـ ٥، ص ٥٩٣.
(٣) التاج: اسم دار مشهورة جليلة المقدار ببغداد من دور الخلافة. معجم البلدان، جـ ١، ص ٨٠٦.
(٤) ورد هذا الخبر بتصرف في مرآة الزمان، جـ ٨، ص ٢٨١.
(٥) شهاب الدين: هو شهاب الدين محمد بن سام الغورى ملك غزنة وخراسان المتغلب على الملك إبراهيم بن محمود بن سبكتكين الذي ابتدأ فتح الهند. انظر: ابن بطوطة: الرحلة، ص ٤٢١، دار صادر بيروت.
(٦) ذكر ابن كثير أن النهر العظيم يقال له: "الملاحون"، البداية والنهاية، جـ ١٣، ص ٩؛ كما ذكر ابن الأثير أن اسم النهر "ماخون". الكامل، جـ ١٠، ص ٢٣١.

<<  <  ج: ص:  >  >>