للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وكانت ولادته في آخر سنة ثمان وثلاثين وخمسمائة بشاطبة وهي بلدة شرقي الأندلس، استولى عليها الإفرنج في العشر الأخير من شهر رمضان سنة خمس وأربعين وستمائة، وكان فقيرًا، وقد أريد أن يلى خطابة بلده فامتنع لما يبالغ الخطباء في وصف الملوك. وخرج إلى الحج فقدم إسكندرية سنة ثنتين وسبعين وخمسمائة، وسمع على الحافظ السلفي، وولاه القاضي الفاضل مشيخة الإقراء بمدرسته (١)، وزار القدس الشريف وصلي به شهر رمضان، ثم رجع إلى مصر، وتوفي يوم الأحد بعد صلاة العصر الثامن والعشرين من جمادى الآخرة سنة تسعين وخمسمائة، ودفن يوم الاثنين في تربة القاضي الفاضل بالقرافة الصغرى، وصلى عليه الخطيب أبو إسحاق العراقي خطيب جامع مصر وقال ابن خلكان: ودخل مصر سنة اثنتين وسبعين وخمسمائة، وكان يقال عند دخوله إليها: إنه يحفظ وقْرَ بَعيرٍ من العلوم بحيث لو نزل عليه ورقه لما احتملها. وكان نزيل القاضي الفاضل ورتَّبه بمدرسته بالقاهرة متصدرًا لإقراء القرآن الكريم وقراءاته والنحو واللغة.

وفيرة بكسر الفاء وسكون الياء آخر الحروف وبعدها راء مضمومه ثم هاء. والرُعيني نسبة إلى ذي رُعَين بضم العين، وهو أحد أقيال اليمن نُسب إليه خلق كثير. (٢)

السلطان طغريل شاه بن أرسلان شاه بن طغريل شاه بن محمد بن ملكشاه بن ألب أرسلان بن داود بن ميكائيل بن سلجوق السلجوقي (٣)، قتل في هذه السنة، وكان قزل أرسلان بن ألدكز حبَسَه ثم خرج من الحبس في سنة ثمان وثمانين وخمسمائة، وملك همذان وغيرها وجرت حرب بينه وبين مظفر الدين أزبك بن البهلوان محمد بن ألدكز. وقيل: بل هو قطلغ إينانج أخو أزبك المذكور فانهزم ابن البهلوان ثم بعد هزيمته استنجد بخوارزم شاه علاء الدين تكش، وخاف منه، فلم يجتمع بخوارزم شاه، فسار خوارزم شاه وملك الرى وذلك في سنة ثمان وثمانين، وبلغ تكش أن أخاه سلطان شاه قد قصد خوارزم فصالح طغريل السلجوقي، وعاد تكش إلى خوارزم وبقى الأمر كذلك حتى


(١) مدرسة القاضي الفاضل: هي بدرب ملوخيا من القاهرة، بناها القاضي الفاضل سنة ٥٨٠ هـ ووقفها على الفقهاء الشافعية والمالكية، انظر: المقريزي: الخطط، جـ ٢، ص ٣٦٦ - ص ٣٦٧.
(٢) نقل العيني هذا الخبر من وفيات الأعيان، جـ ٤، ص ٧١، ٧٢؛ كما ذكر بتصرف في البداية والنهاية، جـ ١٣، ص ١٠؛ شذرات الذهب، جـ ٤، ص ٣٠١ - ص ٣٠٣.
(٣) الكامل، جـ ١٠، ص ٢٣٢ - ٢٣٣؛ البداية والنهاية، جـ ١٣، ص ٩؛ مرآة الزمان، جـ ٨، ص ٢٨٥ - السلوك، جـ ١، ق ١، ص ١١٤؛ شذرات الذهب، جـ ٤، ص ٣٠١؛ النجوم الزاهرة، جـ ٥، ص ١٣٤ - ص ١٣٥.

<<  <  ج: ص:  >  >>