للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

صرخد، ونفى العادل ابن الحمصي الذي فتح له الباب الشرقي، وكان قد أعطاه عشرة آلاف دينار فاستردها منه واجتاز العزيز في طريقه إلى مصر بالقدس، فعزل أبا الهيجاء السمين عنه، وولاه سنقر الكبير (١) ومضى أبو الهيجاء إلى بغداد على ما سنذكره (٢) إن شاء الله. وقال بيبرس في تاريخه: وفي سنة اثنتين وتسعين وخمسمائة تحدّد للعادل سوء رأى في الأفضل واغتاظ منه لأمور بلغته عنه، فاتفق مع العزيز على أخذ دمشق منه وأخذ حلب من الظاهر فخرجا، ولما وصلا إلى غزة أرسل الأفضل كتابًا؛ يستعطف العادل، فسيرا إليه أنه لابد من اجتماع الكلمة وخدمة العزيز والعزم على قصد دمشق، وقد كان الظاهر (٣) قد أرسل إلى أخيه الأفضل يقول له: أخرج عمنا من بيننا ونحن ندخل تحت كلّ ما تريد، فأنا أعرف منك به، وأقرب إليه، فإنه عمي كما هو عمك، وأنا زوج ابنته، ولو علمتُ أن لنا في دخوله بيننا خير لكنت أولي به منك، وقال له الأفضل: أنت سيء الظن في كل أحد أتي مصلحة لعمنا في أذيتنا، ونحن إذا اجتمعت كلمتنا سيّرنا معه العساكر من عندنا فملك من البلاد أكثر من بلادنا ونربح حسن الذكر.

ثم ذكر بيبرس نحوًا مما ذكرنا إلى أن قال: إنهم استمالوا أميرًا من أمراء الأفضل يسمى العزيز أبو غالب بن الحمصي وكان الأفضل يعتمد عليه ويكثر الإحسان إليه، ففتح له الباب الشرقي في السابع والعشرين من رجب وأدخل العادل منه ومعه جماعة من أصحابه، وركب العزيز ووقف بالميدان الأخضر غربي البلد، ولم يشعر الأفضل إلا وعمه معه في البلد وقد ملكت عليه (٤) فركب لوقته وتوجه إلى أخيه العزيز، واجتمع معه ودخل البلد ومضيا إلى عمهما العادل، وكان قد نزل في دار أسد الدين شيركوه، فاتفق العادل والعزيز على أن يبقيا على الأفضل البلد خوفًا أن تجمع عليهما العساكر، وعاد الأفضل إلى مكانه وبات العادل بدار شيركوه وخرج العزيز إلى خيمته ثم خرج العادل من الغد إلى جوسقه (٥)، وبقى الأفضل يتردد إليهما كل يوم ثم استقر الحال على أن يخرج الأفضل من دمشق ويأخذ صرخد فيسلم العزيز قلعة دمشق، وسار الأفضل إلى صرخد،


(١) يقصد العيني هنا تولية العزيز القدس لسنقر.
(٢) نقل العينى هذا الحدث بتصرف من مرآة الزمان، جـ ٨، ص ٢٨٣ - ص ٢٨٤.
(٣) الكامل، جـ ١٠، ص ٢٤٢.
(٤) الكامل، جـ ١٠، ص ٢٤٣.
(٥) جوسقه: كلمه فارسية مصرية وأصلها كوسك ومعناها القصر. انظر محيط المحيط، جـ ١، ص ٣١٨.

<<  <  ج: ص:  >  >>