للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

مسلمًا إليه فلما كان يوم الأربعاء السادس والعشرين من رجب ركب العادل والعزيز وجاءا إلى الباب الشرقي، ففتحه ابن الحمص فدخلا البلد من غير قتال، فنزل العزيز دار عمته ست الشام ونزل العادل دار العقيقى (١) ونزل الأفضل إليهما وهما في دار العقيقي، فدخل عليهما وبكى بكاء شديدًا، فأمره العزيز بالانتقال إلى صرخد، فأخرج وزيره الجزري في الليل في جملة الصناديق خوفًا عليه من القتل، فأخذ أموالًا عظيمة وهرب إلى بلاده، وكان العزيز قد قرر مع العادل أن يكون نائبه بمصر، ويقيم العزيز بدمشق، ثم ندم فأرسل إلى الأفضل وسأله فيها صلاح حاله فأذاعها، ووصلت إلى العادل فغضب العزيز ورسم عليه بالخروج، فخرج إلى مسجد خاتون بأهله وعياله، وسلم العزيز بصري إلى العادل وكان بها الظافر، وأقام العزيز بدمشق أربعة أيام وصلى الجمعة عند مكان قبر والده بالكلاسة، وأمر ببناء القبة والمدرسة إلى جانبها، وأمر محيي الدين بن زكي الدين بعمارة المدرسة العزيزية، وكان الأفضل قد شرع في بناء تربة عند مشهد القدم (٢) بوصية من السلطان، فإنه قال: تكون تربتى على الجادة ليمر بها الصادر والوارد فيترحمون على. فارتفع منها فأمه، ولما جاء العزيز إلى دمشق أخربها، وكان العزيز إذا جلس في مجالس لهوه جلس العادل على بابه كأنه برددار (٣)، ولما كان آخر ليلة من مقامه بدمشق وكانت ليلة الاثنين تاسع شعبان قال العادل لولده الملك المعظم: ادخل. فقبّل يده واطلب منه دمشق، وكان المعظم قد راهق الحلم فدخل فقبل يده وطلب دمشق فدفعها إليه وأعطاه سنجقه (٤)، وقيل: بل استناب العادل فيها وأعطاها للمعظم عيسي بن العادل (٥) في سنة أربع وتسعين وخمسمائة ثم رحل العزيز إلى مصر في تاسع شعبان ومضى الأفضل إلى


(١) دار العقيقي: داخل باب الفرج تجاه المدرسة العادلية بدمشق. السلوك، جـ ١، ق ٢، ص ١٤٦، وقد ذكرها سامي الدهان بقوله "دار العقيقى هي القسم الكبير من الظاهرية اليوم. انظر: زبدة الحلب، ج ٣، ص ٢٠، حاشية ١.
(٢) مشهد القدم: هو من الآثار التي في دمشق وغوطتها مما يرج فيه إجابة الدعاء. انظر: النجوم الزاهرة، جـ ٥، ص ١٢٦، حاشية ١.
(٣) البرددار: لقب لأرباب الوظائف من الأتباع والحواشي والخدم ويكون البرددار في خدمة مباشر الديوان في الجملة متحدثًا على أعوانه والمتصرفين فيه، وأصل الكلمة فردادار وهي كلمة فارسية من لفظين أحدهما فردا ومعناها الستارة والثاني دار ومعناه ممسك أي ممسك الستارة، السلوك جـ ١، ق ٢، ص ٥٣٤، حاشية ٦.
(٤) سنجقه: السنجق لفظ تركي يطلق على الرمح، والمراد به الراية التي تربط به، والجمع سناجق وهي رايات صفر صغار، يحملها السنجقدار زمن السلم.
انظر: صبح الأعشي، جـ ٤، ص ٤٨؛ جـ ٥، ص ٤٥٦، ص ٤٥٨؛ السلوك، جـ ١، ق ١، ص ١٢٤، حاشية ١.
(٥) المعظم عيسي بن العادل: هو شرف الدين عيسي بن الملك العادل سيف الدين أبي بكر بن أيوب صاحب دمشق ولد سنة ٥٧٨ هـ، وتوفي ٦٢٤ هـ، وفيات الأعيان، جـ ٣، ص ٤٩٤ - ص ٤٩٥.

<<  <  ج: ص:  >  >>