كتاب عقد الجمان في تاريخ أهل الزمان [565 - 628 هـ]

سنة ٥٩٤ - ذكر من توفي فيها من الأعيان - ج: 3 - ص: 67

الشافعي أخذه عن فضلات، وله معرفة جيدة بالأصلين والحساب واللغة وله شعر جيد، وقد ولى عدة مناصبه وكان مشكورًا في جميعها، ومن مستجاد شعره:

لا تحقرن (١) عدوا تزدريه فكم … قد أتعس الدهر جد الجد باللعب

فهذه الشمس يعروها (٢) الكسوف لها … على جلالتها بالرأس والذنب

باضطراب (٣) وبه: الزمان يرفع الأنذال … فيه حتى يعم البلاءُ

وكذا الماء راكدُ (٤) فإذا حُرك … ثارتْ من قعره الأقذاءُ

توفي في ذي الحجة من هذه السنة وله ثنتان وسبعون سنة وحضر جنازته خلق كثير ودفن عند موسى بن جعفر.

القاضي أبو الحسن علي بن جابر بن زهير (٥) بن على البطايحي، قدم بغداد فتفقه بها وسع الحديث وأقام برحبة مالك بن طوق مدة يشتغل على أبي عبد الله بن البقية (٦) القرضى، ثم ولى قضاء العراق مدة، وكان فقيها أديبا، وقد سمع من شيخه أبي عبد الله بن البقية ينشد لنفسه معارضا للحريري في بَيْتَيه اللذين زعم أنهما لا يعززان بثالث لهما وهما قوله:

سِمْ سِمةً تحمد أثارُها … واشكر لمن أعطى ولو سمسمة

والمنكر مهما اسطعت لا تأته … لتقتنى السّؤدد والمكرمة

فقال ابن البقية:

ما الأمة الوكفاء بين الورى … أخسَّ من حُر أتى ملامة (٧)

فمه إذا استجديت عن قول لا … فالحر لا يملأ منها فمه

---

(١) "لا تحقرني": كذا في الأصل والتصحيح من البداية والنهاية، جـ ١٣، ص ١٧.
(٢) "يعني": كذا في الأصل والمثبت من البداية والنهاية، جـ ١٣، ص ١٧.
(٣) ورد هذا البيت في ابن خلكان بالصيغة الآتية:
باضطراب الزمان ترتفع … الأنذال فيه حتى يعم البلاءُ
(٤) ورد هذا البيت في ابن خلكان بالصيغة الآتية
وكذا الماء ساكنا فإذا … حُرك ثارت من قعره الأقذاء
(٥) "ابن رجاء" في البداية والنهاية، جـ ١٣، ص ١٧.
(٦) "ابن النبيه" في البداية والنهاية، جـ ١٣، ص ١٧.
(٧) "ما الأمة الوكساء بين الورى … أحسن من حر أتى ملامة" كذا ورد البيت في البداية والنهاية، جـ ١٣، ص ١٧.