للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الشيخ حسن بن مسلم بن أبي الحسن، أبو على الزاهد الحنبلي الفارسي، من قرية نهر عيسى يقال لها الفارسية (١)، كان من الأبدال (٢) لازمًا لطريق السلف، أقام أربعين سنة لم يُكلم أحدا من الناس، وكان صائم الدهر، قائم الليل، يقرأ كل يوم وليلة ختمة.

وذكره الشيخ أبو الفرج بن الجوزي في "صفوة الصفوة" وقال: كان زاهد زمانه. وكانت السباع تأوي إلى زاويته وكان الخليفة وأرباب الدولة يمشون إلى زيارته. وتوفي يوم عاشوراء، ودفن في رباطه بالقادسية.

قال السبط: (٣) وحكى لي جماعة من مشايخ القرية؛ أن السباع كانت تنام طول الليل حول زاويته، وإذا خرج أحد طول الليل من القرية إلى نهر عيسى لم تتعرض له، وأن فقيرًا نام في الزاوية في ليلة باردة فاحتلم فنزل إلى النهر ليغتسل فجاء السبع فنام على جبته، فكاد الفقير يهلك من البرد والخوف، فخرج الشيخ حسن وجاء إلى السبع وضربه بكمه وقال: يا مبارك ما قلنا لك أن لا تتعرض لضيفنا، فقام السبع يهرول. ذكره في المرآة.

أبو الحسن علي بن جابر بن زهير قاضي البطائح، ولد سنة تسع وخمسين وخمسائة، وقدم بغداد فسمع بها الحديث من أبي الوقت وابن ناصر وابن الجواليقي وغيرهم، وخرج إلى رحبة مالك بن طوق فقرأ الفقه والأدب على أبي عبد الله بن البقيه وعاد إلى البطايح فولى القضاء بالعراق ثم عاد إلى بغداد فأقام بها، ثم انحدر إلى البطايح فتوفي بطريق واسط، وكان ثقة صالحًا، وقال أنشدني الحريري صاحب المقامات لنفسه:

لا تخطون إلى خط ولا خطأ … من بعد ما الشيب في فؤديك قد وخطا

فأي عذر لمن شابت ذوائبه … إذا سعى في ميادين الصبي وخطا

أبو المجد علي بن علي بن ناصر السيد العلوي مدرس الحنفية ببغداد، ولد سنة خمس عشرة وخمسائة، وتفقه وأفتي وناظر، وكان المستنجد الخليفة قد حبسه وطالبه بمال، فرأى النبي -صلى الله عليه وسلم- في المنام وقال له: يا يوسف استوص بولدى خيرًا فهو


(١) الفارسية: قرية على ضفة نهر عيسى بعد المحول من قرى بغداد. انظر: معجم البلدان، ج ٣، ص ٨٣٨.
(٢) الأبدال: قوم بهم يقيم الله عز وجل الأرض وهم سبعون؛ أربعون بالشام، وثلاثون بغيرها، لا يموت أحدهم إلا قام مكانه آخر من سائر الناس. انظر: الفيروزآبادي: القاموس المحيط، جـ ٣، ص ٣٤٤. (مادة بدل).
(٣) نقل العينى هذا الخبر عن مرآة الزمان، جـ ٨، ص ٢٩٣.

<<  <  ج: ص:  >  >>