للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وديعتي عندك، فانتبه الخليفة مرعوبًا وأحضره وخاطبه وقال: اجعلني في حل فقد شفع فيك من لا يمكنني رده فأحسن إليه، وكانت وفاته في ربيع الأول من هذه السنة، ودفن عند مشهد عبيد الله شرقي بغداد، وكان صالحا شريفا على الحنفية، سمع ابن الحصين، وقاضى المارستان وابن السرقندي وآخرين.

يحيى بن سعيد (١) بن هبة الله بن زيادة، أبو طالب الواسطى (٢)، ولد سنة اثنتين وعشرين وخمسائة، وقدم بغداد واشتغل بالأدب فبرع في الإنشاء والكتابة، وانتهت إليه الرئاسة فيهما، مع تخصصه بفنون العلم كالفقه، وعلم الكلام، والأصول، والحساب، والشعر، جالس أبا منصور بن الجواليقي (٣)، وقرأ عليه وسمع أبا القاسم الصباغ وغيره، وولي للخليفة عدة وظائف، خدم حُجبة الباب، ثم أستاذ الدار، ثم كتابة الإنشاء في آخر أمره، وكانت وفاته في ذي الحجة ودفن في مقابر قريش ومن شعره:

قد سلوت الدهر (٤) ولم يسلها … من علقت في أماله والأراجي

"وإذا" (٥) ما صرفت وجهي عنها … "قذفتني" (٦) في بحرها العجاج

يستضيئون بي وأهلك وحدي … فكأني ذبالة في سراج

الأمير عز الدين جرديك: كان من أكابر الأمراء في زمن نور الدين محمود وكان ممن شارك في قتل شاور، وحظي عند الملك الناصر صلاح الدين يوسف، وقد استنابه على القدس حين افتتحها، وكان يستند به للمهمات الكبار فيسدها بنهضته وشجاعته، ولما ولى الأفضل عزله عن بيت المقدس، فترك بلاد الشام ثم انتقل إلى بلد الموصل فمات بها في هذه السنة، وكان شجاعا جوادًا، وفي حلب مدرسة للحنفية (٧) تنسب إليه.


(١) انظر ترجمته في وفيات الأعيان، ج ٦، ص ٢٤٤ - ٢٤٩؛ شذرات الذهب، ج ٤، ٣١٨.
(٢) نقل العينى هذه الترجمة عن البداية والنهاية، ج ١٣، ص ١٩.
(٣) أبو منصور الجواليقي: هو موهوب بن أحمد أبو منصور. انظر ترجمته في وفيات الأعيان، ج ٥، ص ٣٤٢ - ص ٣٤٤.
(٤) "الدنيا" في البداية والنهاية، ج ١٣، ص ١٩.
(٥) "فإذا"، "قذفتني" في البداية والنهاية، ج ١٣، ص ١٧ - ص ١٩.
(٦) نقل العينى هذا الحدث من البداية والنهاية، ج ١٣، ص ١٧ - ص ١٩؛ وانظر ترجمته في مرآة الزمان، ج ٨، ص ٢٩٣؛ شذرات الذهب، ج ٤، ص ٣١٦.
(٧) المدرسة الحنفية بحلب هي الجردية، أنشأها الأمير جورديك النوري بسوق البلاط كملت سنة ٦٠١ هـ. انظر: محمد كرد على، خطط الشام، ج ٦، ص ١١٠.

<<  <  ج: ص:  >  >>