للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وقال أبو الفدا (١): لما سار العادل من ماردين، وسار الأفضل من مصر، سبق [العادل] (٢) الأفضل ودخل دمشق قبل نزول الأفضل بيومين، ونزل الأفضل على دمشق في ثالث عشر شعبان. وزحف من الغد على البلد، وجرى بينهم قتال، وهجم بعض عسكره المدينة حتى وصل إلى باب (٣) البريد، ولم يمدهم العسكر، فتكاثر أصحاب الملك العادل، وأخرجوهم من البلد، ثم تخاذل العسكر، فتأخر الأفضل إلى ذيل عقبة (٤) الكسوة، ثم وصل إلى الأفضل أخوه الملك الظاهر صاحب حلب، فعاد إلى مضايقة دمشق، ودام الحصار عليها، وقلت الأقوات عند العادل وعند أهل البلد. وأشرف الأفضل والظاهر على ملك دمشق، وعزم أهل البلد (٥) على تسليم البلد لولا ما حصل بين الأخوين الأفضل والظاهر من الخلف وخرجت السنة وهم على ذلك. (٦)

وفي تاريخ بيبرس: لما ولوا الملك المنصور محمدا عوض أبيه العزيز لم يلبث إلا هنيهة يسيرة حتى تحركت جماعة من الناصرية والأسدية وقالوا: لابد من مدبر يقوم بالأمر، فإن ولد العزيز صغير، والأولاد الناصرية ما فيهم من يدبر نفسه، فضلا عن غيره، ولا بد من العادل. واتصل بالأمراء أن العادل حالف بعض المماليك والحلقة على أن يكون الأمر له، وتحدث يازكج مع الأمراء فيما هموا به من تسليم الأمر إلى العادل، وقال لهم: الأولى أن لا يخرج الأمر عن بيت الملك الناصر، فلم يوافق ذلك رأي كرجي ودرباس. ثم تقرر أن يولى الملك الأفضل بن الناصر أتابكية ابن أخيه العزيز، وينوب عن الأفضل أخوه الظافر مظفر الدين خضر، وكتبوا إلى الأفضل يستدعونه من صرخد، وامتدت أطماع الأمراء والجند، واستمر الظافر في تنفيذ الأشغال وتدبير الأحوال، إلى حين وصل الأفضل إلى بلبيس (٧)، وتلقاه المؤيد أخوه وفخر الدين إياز جهركس، واهتم كل منهما بعمل ضيافة واسعة، وقصد جهركس أن يكون نزوله أولا في خيمته وحضوره


(١) في الأصل "ابن كثير" وما أثبتناه هو الصحيح.
(٢) ما بين حاصرتين إضافة للتوضيح، تنظر: المختصر في أخبار البشر، ج ٣، ص ٩٥.
(٣) باب البريد: أحد أبواب مدينة دمشق. ويقع في غربي المسجد الأموي. انظر: معجم البلدان، ج ٢، ص ٥٩١.
(٤) عقبة الكسوة: العقبة هو الجبل الطويل يعرض للطريق فيأخذ فيه وهو طويل صعب إلى صعود الجبل. معجم البلدان، ج ٣، ص ٦٩٢. أما الكسوة فقد سبق التعريف بها.
(٥) في المختصر: "وعزم العادل على تسليم البلد". انظر: المختصر، ج ٣، ص ٩٦.
(٦) نقل العين هذا الحدث من المختصر، ج ٣، ص ٩٥ - ٩٦.
(٧) ذكرت هذه الأحداث بتصرف في نهاية الأرب، ج ٢٨، ص ٤٥٦، ٤٥٧.

<<  <  ج: ص:  >  >>