للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ومنها أنه وقع الرضى عن الشيخ جمال الدين أبى الفرج بن الجوزى، شيخ الوعاظ فى زمانه وبعده، وقد كان أخرج من بغداد إلى واسط، فأقام بها خمس سنين، فانتفع به أهلها واستفادوا. ولما عاد إلى بغداد خلع عليه، وأذن له فى الجلوس (١) على عادته عند التربية الشريفة المجاورة لقبر معروف الكرخى، رضى الله عنه، فكثر الجمع جدًّا، وأخذ فى الرياب (٢) يومئذ فيها قال يخاطب الخليفة:

لا تُعطش الروض الذى نبته … بصَوب إنعامك قد روضا

لا تبر عودًا أنت رَيَّشْتَه … حاشى لبانى المجد أن يَنقضا

إن كان لى ذنب "تجرمته" (٣) … فاستأنف العفو "وهب ما مضى" (٤)

قد كنت أرجوك لنيل المنى … فاليوم لا أطلب إلا الرضى (٥)

وقال السبط: وفى هذه السنة وقف خالى محيى الدين أبو محمد يوسف للخليفة فى رجب ومعه قصته ببستان يقال له دولاب البقل، فذكر فيها ما نال جدى وأهله من الضرر، وكان نجاح الشرابى بين يدى الخليفة، فجاء فأخذ الورقة وقال له الشرابى: تعال إلى باب البدرية ووقعوا له بالإفراج عنه، فقدم جدى ببغداد فى شعبان، وخلع عليه وجلس عند تربة أم الخليفة، وكانت تتعصب له وساعدت فى خلاصه، وأنشد جدى رحمه الله:

إن كان لى ذنب ولم آته … فاستأنف العفو وهَب ما مضى

وهذا الشعر للرضى الموسوى وقد ذكرناه فى ترجمته، وأنشد أيضًا:

سقينا (٦) بالنوى زمنًا فلما … تلاقينا كأنا ما سقينا (٧)

سخطنا (٨) عندما جنت الليالى … فما زالت بِنَا حتى رضينا


(١) "الوعظ" فى البداية والنهاية، جـ ١٣، ص ٢٠.
(٢) كلمة غير مقروءة فى الأصل، ولعلها ما أثبتناه.
(٣) "قد جنيته" فى البداية والنهاية، جـ ١٣، ص ٢٠.
(٤) "وهب لى الرضا" فى البداية والنهاية، جـ ١٣، ص ٢٠.
(٥) ورد هذا الحدث فى البداية والنهاية، جـ ١٣، ص ٢٠.
(٦)، (٧) شقينا فى نسخة دار الكتب.
(٨) "شطحنا" فى مرآة الزمان، جـ ٨، ص ٢٩٥.

<<  <  ج: ص:  >  >>