للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

نُورُ الهُدَى ومَصَابيحُ الدُّجَي ومَحَـ … ـلُّ الغَيْثِ إن وَنَت الأنواءُ في المحَلِ

أئمةٌ خُلِقُوا نورًا فنورهم … مِنْ نور خَالصِ نُورِ اللَّهِ لَمْ يَفلِ (١)

واللهِ لا زُلْتُ عن حُبِّي لهُم أبدًا … ما أخَّرَ اللهُ لي في مُدةِ الأَجَلِ (٢)

الثامن فيما جرى بعد موته.

قال ابن كثير (٣) (رحمه الله): لما مات العاضد استحوذ الملك الناصر صلاح الدين يوسف على القصر بما فيه، وأخرج منه أهل العاضد إلى دار أفردها لهم، وأجرى عليهم الأرزاق والنفقات الهنيئة؛ عوضًا عما فاتهم من الخلافة (٤).

واستعرض حواصل القصرين، فوجد فيهما من الحواصل والأمتعة والآلات والثياب والملابس شيئًا كثيرًا باهرًا، وأمرًا هائلًا، فمن ذلك: سبعمائة يتيمة من الجوهر، وقضيب زمرد (٥) طوله أكثر من شبر وسُمْكُهُ نحو الإبهام، وحبل من ياقوت، وَوُجِدَ فيه إبريق عظيم من الحجر المانع، وطبل للقولنج (٦). فاتفق أن بعض أمراء الأكراد أخذه في يده، ولم يدر ما شأنه، فلما ضرب عليه حبق (٧) فألقاه من يده فكسره فبطل أمره، وأما القضيب الزمرد فإن السلطان كسره ثلاث فلق، فقسَّمه بين نسائه، وقسَّم بين الأمراء شيئًا كثيرًا من قطع البلخش (٨) والياقوت والذهب والأثاث وغير ذلك. واستمر البيع فيما كان هنالك من الأثاث والأمتعة نحوًا من عشر سنين، وأرسل إلى الخليفة ببغداد هدايا


(١) "أئمة خلقوا نورا، قبورهم … من خالص نور الله لم يأَفُل" في الأصل، والمثبت من مفرج الكروب وابن الفرات.
(٢) في مفرج الكروب وابن الفرات بيت زائد نصه:
عمارة قالها المسكين وهو على … خوفٍ من القتل، لا خوف من الزلل.
(٣) انظر البداية والنهاية، جـ ١٢، ص ٢٨٤.
(٤) ذكر ابن كثير هذا القول نقلًا عن ابن أبي طي. انظر أيضا قول ابن أبي طى في الروضتين، جـ ١ ق ٢، ص ٥٠٦ - ٥٠٧.
(٥) "قضيب زمرد وطوله قبضة ونصف" في المرآة. وانظر تفصيل ما وجد في القصر من الأمتعة والجواهر في المرآة أيضًا، جـ ٨، ص ١٨١؛ وعن الزمرد راجع، صبح الأعشي، جـ ٢، ص ١٠٣ - ١٠٥.
(٦) القَولَنْج: مرض اعتقال الطبيعة لانسداد المعى المسمى قولون. انظر: الخوارزمي: مفاتيح العلوم، ص ٩٨٠؛ النوادر السلطانية، ص ٥٥، حاشية ٣.
(٧) حبق: هو ضراط المعى، انظر: ابن منظور: لسان العرب، مادة "حبق".
(٨) البلخش، يسمى اللّعْلُ وهو من نفائس الأحجار. انظر: القلقشندي: صبح الأعشي، جـ ٢، ص ٩٩ - ١٠٠.

<<  <  ج: ص:  >  >>