للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

عليه وجدنا عنده مملوكين من الترك، عليهما أقبية (١) مثل أقبيتكم، وقلانس (٢) مثل قلانسكم، وفي أوساطهم مناطق (٣) كمناطقكم. فقلنا له: يا أمير المؤمنين ما هذا الزي الذي ما رأيناه قط؟ قال: هذه هيئة الذين يملكون ديارنا، ويأخذون أموالنا وذخائرنا.

وفي تاريخ الدولتين (٤): أخبرني أبو الفتوح [بن العاضد] (٥) أن السلطان جعل أهل العاضد في دار برجوان (٦)، في الحارة المنسوبة إليه بالقاهرة، وهي دار كبيرة واسعة، كان عيشهم فيها طيبًا، ثم نقلوا بعد الدولة الصلاحية منها، وأبعدوا عنها.

التاسع: في ذكر كتاب (٧) كتبه القاضي الفاضل عن صلاح الدين، إلى وزير بغداد، على يد الخطيب شمس الدين [بن] (٨) أبي المضاء.

"كتب الخادم هذه الخدمة من مستقره ودين الولاء مشروع، وعلم الجهاد مرفوع، وسؤدد السواد متبوع، وحكم السداد بين الأمة (٩) موضوع، وسبب الفساد مقطوع ممنوع. وقد توالت الفتوح غربا ويمنا وشامًا، وصارت البلاد بل الدنيا، والشهر بل الدهر، حرمًا حرامًا، وأضحى الدين واحدًا بعد ما كان أديانا، والخلافة إذا ذكر بها أهل الخلاف لم يخروا عليها [إلا] (١٠) صُمًّا وعُميانا؛ والبدعة خاشعة، والجمعة جامعة، والمذلة في شيع الضلال شائعة؛ ذلك بأنهم اتخذوا عباد الله من دونه أولياء، وسمَّوا أعداء الله أصفياء، وتقطعوا أمرهم بينهم شيعا، وفرقوا أمر الأمة وكان مجتمعا، وكذَّبوا بالنار فعجلت لهم نار الحتوف، ونثرت أقلام الظبا حروف رءوسهم نثر الأقلام للحروف، ومزقوا كل ممزق، وأخذوا منهم كل مخنق، وقطع دابرهم، ووعظ آيبهم غابرهم، ورغمت


(١) أقبية: مفردها قباء وهو ثوب له أكمام ضيقة. انظر: ماير: الملابس المملوكية، ص ٢٥.
(٢) قلانس: مفردها قلنسوة، وهي كلوته مطرزة أي زركش. انظر: الملابس المملوكية، ص ٤٢.
(٣) مناطق: مفردها منطقة؛ وهي حزام العسكريين، وقد أطلق عليه فيما بعد "حياصة". وكان يصنع من معدن ثمين وأضخمها ما كان من الفضة المطلية بالذهب. وأحيانا بالذهب الخالص. انظر: الملابس المملوكية، ص ٤٨.
(٤) انظر: الروضتين، جـ ١ ق ٢، ص ٤٩٤ - ٤٩٥.
(٥) ما بين الحاصرتين إضافة من الروضتين للتوضيح.
(٦) دار برجوان: هذه الدار كانت بحارة برجوان وتعرف بدار الأستاذ، وكان يسكن فيها، انظر: مفرج الكروب، جـ ١، ص ٢٥٤؛ السلوك، جـ ٢، ص ٣٣٨.
(٧) عن كتاب القاضي الفاضل انظر: الروضتين، جـ ١ ق ٢، ص ٤٩٦ - ٤٩٧.
(٨) "شمس الدين أبي المضاء" في الأصل. والمثبت من الروضتين، جـ ١ ق ٢، ص ٤٩٦، وهو: أبو عبد الله محمد ابن المحسن بن الحسين بن أبي المضاء البعلبكي، انظر: الروضتين، جـ ١ ق ٢، ص ٤٩٢.
(٩) "الأئمة" في الأصل. والمثبت من الروضتين، جـ ١ ق ٢، ص ٤٩٦، نقلًا عن نص كتاب القاضي الفاضل.
(١٠) ما بين الحاصرتين إضافة من الروضتين، جـ ١ ق ٢، ص ٤٩٦.

<<  <  ج: ص:  >  >>