للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

خدمته، فأكرمه وأقطعه إقطاعة عظيمًا، وهو أعزاز وقلعتها، ونهر الجوز (١) وبلاده وجسر الحديد وبلادها وأماكن أخر متفرقة، وأعطاه مالًا وخلعًا وبقي في خدمته إلى أن مات في ستة عشر وستمائة.

وسار الملك العادل إلى دمشق وتقرر الصلح بينه وبين المنصور صاحب حماه وزوجه (٢) ابنته، وأقطع الأمير فخر الدين جهركس بلاد حسام الدين بشارة تبنين وهونين، فامتنع بشارة من تسليمها [٢٥٦] وكاتب الملك الظاهر يستنجده، فأجابه وأرسل إليه نجدة الأمير عز الدين كرز أخا أبي الهيجاء السمين، وبلغ ذلك العادل، فجهز صحبة جهركس عسكرًا وافرًا لحصار تبنين، فساروا إليها وحاصروها مدةً ثم عجزوا وتركوها.

وفي تاريخ المؤيد وغيره: لما اشتدت مضايقة الأخوين الأفضل والظاهر لدمشق وتعلق النقابون بأسوارها، حسد الظاهر أخاه الأفضل على ملك دمشق وقال له: أريد أن تسلم إلىَّ دمشق الآن، فقال له الأفضل: إن حريمي مثل حريمك وهم على الأرض وليس لنا موضع نقيم فيه، فهب هذه البلدة لي حتى تملك مصر وتأخذها، فامتنع الظاهر من ذلك، وكان قتال العسكر والأمراء الصالحية إنما كان لأجل الأفضل، فقال لهم الأفضل: إن كان قتالكم لأجلى فاتركوا القتال وصالحوا الملك العادل، وإن كان قتالكم لأجل أخى الظاهر فأنتم وإياه. فقالوا: إنما قتالنا لأجلك. وتخلوا عن القتال وأرسلوا وصالحوا الملك العادل، وخرجت السنة وهم محاصرون دمشق، وقد تفرقت العساكر، فرحل الظاهر عن دمشق في أول المحرم سنة ثماني وتسعين وخمسمائة، وسار الأفضل إلى حمص. (٣)

وفي تاريخ ابن كثير: وقد كان الظاهر وأخوه الأفضل كتبا إلى صاحب الموصل نور الدين أرسلان الأتابك أن يحاصر مدن الجزيرة التي مع عمهما الملك العادل، فركب في جيشه وأرسل إلى ابن عمه قطب الدين صاحب سنجار، واجتمع معهما صاحب ماردين الذي كان العادل قد حاصره وضيق عليه مدة طويلة - كما ذكرنا - فقصدت العساكر


(١) نهر الجوز: ناحية ذات قرى وبساتين ومياه بين حلبه والبيرة التي على الفرات، ياقوت، معجم البلدان، جـ ٣، ص ١٦٨.
(٢) نهاية الأرب، جـ ٢٩، ص ٢٥ - ص ٢٦.
(٣) نقل العيني هذا النص بتصرف من المؤيد، المختصر، جـ ٣، ص ١٠٠.

<<  <  ج: ص:  >  >>