للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

ثم إن شهاب الدين لما عاد من لهاور قتل بمنزل يقال له: دميك (١) وقت (٢) صلاة العشاء في أول ليلة من شعبان من هذه السنة، وكان سبب قتله أن نفرًا من الكوكرية الزموا عسكره عازمين على قتله لمّا فعل بهم من القتلى والسبي، فلما كانت الليلة التي قتل فيها تفرق عنه أصحابه، وبقي وحده، فهجموا عليه وهو من الخركاه (٣) فضربوه بالسكاكين اثنتين وعشرين ضربة فقتلوه. وبنو كوكر طائفة من [أهل] (٤) الجبال مفسدون، ولما قتل اجتمع الأمراء عند الوزير مؤيد الملك (٥) بن خواجا [سجستان] (٦) فتحالفوا على حفظ الخزانة والملك لزوم السكينة إلى أن يظهر من يتولى الملك، فأجلسوا شهاب الدين وخيطوا جراحه، وأشاعوا أنه حيٌّ وجعلوه في محفة وساروا به، وسكن الناس، وكانت الخزانة التي في صحبته ألفين ومائتي جمل، وعرفوا أنه سيكون بين غياث الدين محمود ابن أخي شهاب الدين وبين بهاء الدين سام ابن أخته وهو صاحب باميان (٧) حروب على الملك، وكان ميل الوزير والأتراك إلى غياث الدين محمود، والأمراء الغورية يميلون إلى بهاء الدين سام، فأرسلت كل طائفة منهما إلى الذين يميلون إليه يخبرونه بقتل شهاب الدين، فلما وصل العسكر والوزير إلى فرشابور (٨) اختلفوا، فقالت طائفة: نسير إلى غزنة على طريق مكران. وقال الأتراك: نسير على طريق سوران. وكان مقصودهم أن يكونوا قريبا من تاج الدين وهو مملوك شهاب الدين [٢٨٤] وكرمان أقطاعه، ومقصودهم أن يحفظ تاج الدين الخزانة في البلد، ويراسلوا من كرمان إلى غياث الدين يستدعونه إلى غزنة فيُملّكونه، فلما وصلوا إلى كرمان بعد مشقة قاسوها في طريق الجبال خرج إليهم تاج، وفي نيته أن يملك غزنة، فسأل الوزير عن الأموال فأخبره بما معه، وقال له الوزير: إن الغورية قد كاتبوا غياث الدين محمودًا وبهاء الدين سام صاحب باميان. ثم قال للوزير: إنهم أمروني أن أتسلم الخزانة منك، فلم يقدر على الامتناع وساروا بالمحفة والمماليك


(١) "دمبل" المختصر، ج ٣، ص ١٠٦.
(٢) قبل صلاة العشاء في المختصر، ج ٣، ص ١٠٦؛ ويبدو أن العيني نقل هذا الخبر من الكامل، ج ١٠، ص ٣٠٣، حيث أن الخبر يتفق مع ما ورد في الكامل.
(٣) الخركاة: (خيمة) انظر السلوك، ج ١، ص ٣٢.
(٤) [] ما بين حاصرتين إضافة من المختصر، ج ٣، ص ١٠٩.
(٥) "مولد الدين" في الأصل، والمثبت من الكامل، ج ١٠، ص ٣٠٣.
(٦) ما بين حاصرتين إضافة للتوضيح من الكامل، ج ١٠، ص ٣٠٣.
(٧) باميان: بلده وكوره في الجبال بين بلخ وهراة وغزنة بها قلعة حصينة، معجم البلدان، ج ١، ص ٤٨١.
(٨) فرشابور: يطلق عليها عامة تلك البلاد "برشاوور" وهي مدينة وولاية واسعة من أعمال لهاور. معجم البلدان، ج ٣، ص ٨٧٤.

<<  <  ج: ص:  >  >>