للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

والوزير إلى غزنة، فدفن شهاب الدين بالتربة، في المدرسة التي أنشأها، ولما بلغ الخبر بهاء الدين سام كتب إلى من بغزنة من الأمراء الغورية يأمرهم بحفظ البلد وأنه سائر إليهم عن قريب، وكان مستحفظ قلعتها يعرف بأمير دار (١)، وقد سير ولده إلى بهاء الدين سام يستدعيه إلى غزنة ثم كتب بهاء الدين إلى علاء الدين محمد بن أبي على ملك الغور يستدعيه إليه وإلى غياث الدين محمود وإلى أبي خرميل، وإلى هراة (٢) يأمرهما بإقامة الخطبة له، وحفظ ما بأيديهما من الأعمال، ولم يظن أن أحدا يخالفه، فسار من باميان برحلتين فوجد صداعا في رأسه، فنزل ليستريح فعظم الأمر عليه، فأيقن بالموت، فأحضر ولديه وعهد إلى علاء الدين وأمرهما بقصد غزنة، وأن يصالحا غياث الدين على أن يكون له خراسان وبلاد الغور ويكون لهما غزنة وبلاد الهند، ولما فرغ بهاء الدين من الوصية توفي، فسار ولداه إلى غزنة ودخلا البلد وملكاه، فلما بلغ ذلك تاج الدين يلدز سار بعساكره وجموعه، وسير إلى علاء الدين وجلال الدين أن أخرجا من غزنة وعودا إلى باميان علي عادة أبيكما، فإن غياث الدين أمرني بالمسير إلى غزنة وإنما أراد أن يجعل طريقًا إلى ملك غزنة لنفسه، ثم سار إلى غزنة فحاصرها، فترددت الرسل بينه وبين ولدى بهاء الدين سام، ففارقا غزنة ولحقا بباميان، فدخل تاج الدين يلدز إلى غزنة وقعد فيها أربعة أيام، فعند ذلك طلب القضاء والأمراء والأتراك وقبض على أميردار والي غزنة، ودخل إلى دار السلطان وجلس فيها على مرتبته، فتغيرت لذلك نبات الأتراك وغيرهم لأنهم كانوا يظنون أنه يُملِك غياث الدين، فأرسل إليه غياث الدين الخلع وطلب منه الخطبة له، فغالطه ولم يفعل، فطلب منه أن يخاطبه بالملك وأن يتزوج ابنه من ابنته، فلم يجبه، وامتنع عن الخِطْبَه كامتناعه عن الخُطْبَه، وأجرى يلدز بغزنة رسوم شهاب الدين، وفرق في أهلها أموالًا جليلة المقدار وألزم مؤيد الملك بالوزارة. فامتنع وأكره على ذلك.

وأما غياث الدين فإنه بمدينة بست (٣) لم يتحرك في شيء انتظارًا لما يكون من أمر صاحب باميان لأنهما كانا تعاهدا في أيام شهاب الدين أن تكون خراسان لغياث الدين،


(١) أمير دار: هو أمير المظالم عند الروم. صبح الأعشى، ج ١٤، ص ١٦٠.
(٢) هراة: مدينة كبيرة مشهورة بين أمهات مدن خراسان. انظر: معجم البلدان، ج ٤ ص ٩٥٨ - ٩٥٩؛ رحلة بن بطوطة، ص ١٧٩؛ بلدان الخلافة الشرقية، ص ٥٧١.
(٣) بُسْت: مدينة بين سجستان وغزنين وهراة، معجم البلدان، ج ١، ص ٦١٢.

<<  <  ج: ص:  >  >>