للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الدين أن يعتقه، فأحضر الشهود وأعتقه، وأرسل مع عتاقته هدية عظيمة، وكذلك عتق أيبك المستولى على الهند، وأرسل إليه نحو ذلك فقبل كل منهما ذلك، وخطب له أيبك ببلاد الهند التي تحت يده، وأما يلدز فلم يخطب له، وخرج بعض العساكر عن طاعة يلدز لعدم طاعته لغياث الدين مولاه.

وفي تاريخ بيبرس: لما أرسل غياث الدين إلى يلدز وطالبه بالخطبة ولم يجب إليه أعاد عليه الرسالة وقال: إما أن تخطب لنا وإما أن تعرفنا ما في نفسك. فلما وصل الرسول بهذا أحضر يلدز الخطيب وأمره أن يخطب له، ويترحم على شهاب الدين، فَخُطِبَ ليلدز بغزنة، فلما رأى الناس ذلك ساءهم إسقاط اسم غياث الدين، وتغيرت نياتهم ليلدز ونيات الأتراك الذين معه، ولم يروه أهلًا أن يخدموه، وإنما كان يطيعونه لما كانوا يرون أنه يقيم دولة غياث الدين. فلما خطب لنفسه، أرسل إلى غياث الدين يقول له: إنه قد اجتمع عندك الذين هم أساس الفتنة وأقطعتهم الإقطاعات، ووعدتني أمورًا لم تقف (١) عندها، فإن أنت عتقتني خطبتُ لك وحَلَتْ إليَّ خدمتك. فأجابه غياث الدين إلى ذلك وأشهد عليه بعتقه، وعتق قطب الدين أيبك نائبه ببلاد الهند، وأرسل إليها تشاريف ومناطق ذهب وسترًا. فقبل يلدز الخلع والمناطق، ورد الستر وقال: نحن عبيد ومماليك، والجتر (٢) له أصحاب.

وسار رسول غياث الدين إلى أيبك وكان ببلاد الهند، فلما علم قرب الرسول لقيه على بعد وقَبّل حافر الفرس ولبس الخلعة، وقال: أما الجتر فلا يصلح للمماليك، وأما العتق فمقبول، وسوف أجازيه [٢٩٣] بعبودية الأبد.

ومنها (٣) أن خوارزم شاه ملك طالقان، وذلك أنه لما سَلَّم ترمذ إلى الخطأ سار عنها، فأرسل إلى سونج أمير شكار نائب غياث الدين محمود بالطالقان رسولًا يستميله إليه، فلم يجبه سونج وعاد الرسول خائبًا، وجمع سونج عساكره وخرج لمحاربة خوارزم شاه فالتقوا بالقرب من طالقان، فلما تقابل العسكران حمل سونج وحده مجدًّا حتى قارب عسكر خوارزم شاه وألقى نفسه إلى الأرض ورمي سلاحه وقبل الأرض وسأل العفو، فظن


(١) تعني في الكامل ج ١٠، ص ٣٢٥.
(٢) جتر، جمع جتور، وهو المظلة، ويطلق عليها أيضًا الستر. صبح الأعشى، ج ٣، ص ٤٦٩، ص ٥٠٢.
(٣) ورد هذا الخبر في الكامل، ج ١٠، ص ٣٢٣ - ٣٢٦.

<<  <  ج: ص:  >  >>