للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

خوارزم شاه أنه سكران، فلما علم أنه صاح ذَمّه وسَبّه ولم يلتفت إليه، وأخذ بالطالقان من سلاح ومال ودواب وأنفذه إلى غياث الدين مع رسول برسالة تتضمن التقرب إليه والملاطفة له، واستناب بالطالقان بعض أصحابه وسار إلى قلاع كالوين (١) وبَيْوَار (٢)، فخرج إليه حسام الدين على صاحب كالوين وقابله على رؤوس الجبال، فأرسل إليه خوارزم شاه يتهدده إن لم يسلم إليه فقال: أما أنا فمملوك وهذه الحصون بيدي أمانة ولا أسلمها إلا إلى صاحبها. فاستحسن خوارزم شاه ذلك منه وذم سونج. ولما بلغ غياث الدين خبر سونج وتسليمه الطالقان إلى خوارزم شاه عظم ذلك عنده وشق عليه كثيرًا، فهوَّن الأمر عليه أصحابه.

ولما فرغ خوارزم شاه من الطالقان سار إلى هراة فنزل بظاهرها، ولم يمكن ابن خرميل من هراة أحدًا من الخوارزميين أن يتطرق إلى أحد من أهلها، وإنما كانوا يقطعون الطريق وهذه عادة الخوارزميين. ووصل رسول غياث الدين إلى خوارزم شاه بالهدايا، ورأى الناس ذلك عجبًا لما كان بينهما من التباين، وسار ابن خرميل من هراة في جمع من عساكر خوارزم شاه، فنزل على أسفزار (٣) فحاصرها وأخاف أهلها فسلموها ولم يعرض لهم بسوء، ولما أخذها أرسل إلى محمد بن حرب صاحب سجستان يدعوه إلى طاعة خوارزم شاه والخطبة له ببلاده، فأجابه إلى ذلك، وكان خوارزم شاه يطالبه بذلك مدة ولم يجبه إليه.

ولما سمع يلدز بالصلح مع خوارزم شاه أرسل إلى غياث الدين أن ما الذي حملك على هذا؟ فقال: عصيانك لي وخلافك على. فجمع يلدز عساكره وسار إلى تكيا باذ وإلى بُست فملكهما وقطع خطبة غياث الدين منها، وأرسل إلى صاحب سجستان يأمره بإعادة الترحم على شهاب الدين وقطع خطبة خوارزم شاه. وأرسل إلى ابن خرميل صاحب هراة بذلك، ويتهددهما بقصد بلادهما إن لم يفعلا، فخافوه. ثم إنه أخرج جلال الدين بن بهاء الدين سام من الأسر، وذلك أنه لما هزم عسكر باميان أسر جلال


(١) قلعة كالوين: ذكرها ياقوت "كالوان" وهي قلعة حصينة بين باذغيش وهراة بين الجبال. معجم البلدان، ج ٤، ص ٢٢٩.
(٢) بَيْوَار، مدينة قصبة غرشستان، ولاية بين غزنة وهراة ومرو الروذ والغور في وسط الجبال، معجم البلدان، ج ١، ص ٨٠٣.
(٣) أَسْفُزَار: مدينة من نواحي سجستان من جهة هراة. انظر معجم البلدان، ج ١، ص ٢٤٨.

<<  <  ج: ص:  >  >>