للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الدين وأخاه علاء الدين أيضًا. ثم إنه لما أخرج جلال الدين من الأسر سير معه خمسة آلاف فارس، وقدّم عليهم أيدكز التتري مملوك شهاب الدين ليعيدوا جلال الدين إلى باميان، ويزيلوا ابن عمه عباس، وكان قد ملك باميان لما رأى خلوها من ابني أخيه جلال الدين وعلاء الدين، وزوج يلدز ابنته من جلال الدين، وخلع عليه فسار هو ومن معه. ولما خلا به أيدكز قال له: عزّ على لبسك خلعة يلدز، وكيف وأنتم ما رضيتم تلبسون خلعة غياث الدين وهو أكبر سنًّا منكم وأشرف بيتًا [٢٩٤] وتلبس خلعة هذا المأبون -يعني يلدز- ودعاه إلى العود معه إلى غزنة، وأعلمه أن الأتراك كلهم يجمعون على خلاف يلدز، فلم يجبه إلى ذلك. فقال أيدكز: إنني لا أسير معك. وعاد إلى كابُل وهي إقطاعه. فلما وصل إليها لقّبه رسول قطب الدين أيبك إلى يلدز يقبح فعله، ويأمره بإقامة خطبة غياث الدين، ويخبره أنه قد خطب له في بلاده. [فلما] (١) علم أيدكز قويت نفسه على محاربة يلدز، وصمم على قصد غزنة ووصل رسول أيبك إلى غياث الدين بالهدايا والتحف ويشير عليه بإجابة خوارزم شاه إلى ما طلب الآن، وعند الفراغ، من غزنة تسهل أمور خوارزم شاه.

فسار أيدكز إلى غزنة، وكان جلال الدين قد كتب إلى يلدز يخبره بخبر أيدكز وما عزم عليه، فكتب يلدز إلى نوابه بغزنة يأمرهم بالاحتياط منه، فلما وصلها أيدكز أمر أصحابه بنهب البلد، فتوسط القاضي الحال بأن يَحْمِل إليه خمسين ألف دينار، وخطب أيدكز لغياث الدين، وقطع خطبة يلدز، ففرح الناس بذلك. وسير المال إلى غياث الدين، ولقب يملك الأمراء.

ومنها أن في ثالث شعبان ملك غياث الدين كيخسرو صاحب بلاد الروم أنطالية (٢) باللام وهي مدينة للروم على ساحل البحر، وكان قد حاصرها قبل هذا الوقت فأرسل صاحبها إلى الفرنج الذين بجزيرة قبرس، فاستنجدهم فأرسلوا إليه جماعة منهم، فرحل كيخسرو وترك طائفة من عسكره بالقرب منها مع الجبال، فلما رحل اختلف الروم والفرنج فتسلمها وقتل من كان بها من الفرنج الذين جاءوا للنجدة. (٣)


(١) "فلم" في الأصل، والصحيح ما أثبتناه. انظر: الكامل، ج ١٠، ص ٣٢٦.
(٢) أنْطَالِية: بلد كبير من مشاهير بلاد الروم، وهي حصن للروم على شاطئ البحر. انظر: معجم البلدان، ج ١، ص ٣٨٨؛ بلدان الخلافة الشرقية، ص ١٨٣ - ١٨٤.
(٣) ورد هذا الخبر في الكامل، ج ١٠، ص ٣٢٨ - ٣٢٩.

<<  <  ج: ص:  >  >>