للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ومنها أنه قبض عسكر خلاط على صاحبها ولد بكتمر، وملَّكوها لبلبان مملوك شاهر من بن سكمان، وكتب قوم من الجند إلى ناصر الدولة أرتق بن إيلغازي يستدعونه. وسبب ذلك أن ولد بكتمر كان جاهلًا، فلما ملك بعد أبيه قبض على الأمير شجاع الدين قتلغ، وكان أتابكه ومدبر بلاده، فقتله. واختلفت الكلمة عليه من الجنة والعامة، واشتغل باللهو وإدمان الشرب، فساءت نياتهم له، وسار بلبان إلى ملاذكرد (١) وملكها، واجتمع أكثر الجند إليه، وسار راجعًا إلى خلاط. واتفق وصول صاحب ماردين إلى خلاط معتقدًا أن أحدًا لا يمتنع عليه، فنزل قريبًا منها، فأرسل إليه بلبان يقول له: إن أهل خلاط قد اتهموني بالميل إليك، والرأي أنك ترحل [عائدًا] (٢) مرحلة، فإذا تسلمت البلد سلمته إليك. فرحل صاحب ماردين راجعًا، فلما أبعد عن خلاط، وكان في قلة من الجند، أرسل إليه بلبان أن تعود إلى بلدك، وإلا جئت أوقعت بك. فعاد إلى ماردين.

وأما بلبان فإنه حاصر خلاط، وضيق على أهلها، فقبضوا على ابن بكتمر وسلموها إليه.

ومنها (٣) أنه كانت الحرب بين عسكر الخليفة وبين صاحب كرّستان مع مملوكه سنجر، وكان المتولي لتلك الأعمال، وصاحب كرّستان يعرف بأبي طاهر، وهي جبال منيعة بين فارس وأصفهان وخوزستان، فقاتلوا أهلها وعادوا منهزمين. وسبب ذلك أن مملوكة للخليفة الناصر لدين الله يسمى قشتمر من أكبر مماليكه، كان قد فارق الخدمة لتقصير رآه في حقه من الوزير نصير الدين العلوي، فاجتاز بخوزستان وأخذ ما [٢٩٥] أمكنه ولحق بأبي طاهر صاحب كرّستان، فأكرمه وزوجه ابنته، ثم توفي أبو طاهر فقوى أمر قشتمر الناصري، وأطاعه أهل تلك الولاية، فأمر الخليفة سنجر بجمع العساكر وقتال قشمر، ففعل سنجر ما أُمر به وجمع العساكر وسار إليه، فأرسل قشتمر يعتذر ويسأل أن لا يُقصد، ويُحْوَج إلى الخروج عن الطاعة والعبودية، فلم يقبل عذره. فجمع أهل تلك الأعمال ونزل إلى العسكر الذين مع سنجر، فلقيهم وهزمهم، وأرسل إلى أيتغمش


(١) ملازكرت = منازكرد: انظر ما سبق، ج ٢، ص ١٦٩.
(٢) ما بين الحاصرتين مثبت من الكامل، ج ١٠، ص ٣٢٩.
(٣) ورد هذا النص في الكامل، ج ١٠، ص ٣٣٠ - ٣٣١.

<<  <  ج: ص:  >  >>